أنت هنا

قراءة كتاب القمر والأسوار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
القمر والأسوار

القمر والأسوار

رواية "القمر والأسوار" للكاتب والفنان التشكيلي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي، الصادرة عام 2003 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ منها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
(3)
 
وصل الشيخ علي الى قريته مجهداً· كانت تبعد مسافة طويلة عن المدينة، وكان عليه ان يستقل سيارة خشبية كبيرة زهاء الثلاث ساعات على طريق ترابي حتى يصلها· وكانت السيارة عادة مكتظة بالقرويين وهم في طريقهم الى قريتهم، وحتى سطحها كان مغطى بالأحمال واقفاص الخضروات والسلال والمشتريات التي يعودون بها من المدينة بعد أن يبيعوا منتجات حقولهم فيها·وبعد أن شرح السبب الذي جاء من أجله قال عبد ابن أخ حميد :
 
- ولم نزوجها لشخص غريب؟ هل خلت قبيلتنا من الرجال؟ أبناء حمود الأربعة لم يتزوجوا بعد· واثنان من أبناء عيسى لم يتزوجا، وأحد أبناء جاسم كذلك، فلماذا تعطونها لرجل غريب؟
 
وأطرق الشيخ علي مفكراً بعض الوقت ماسحاً بأنامله على شعيرات لحيته الكثة، وطال صمته وهو يبحث عن الرد المناسب الذي يستطيع به اقناع عبد واخوته·
 
وضع يده على صدره ثم سحب نفساً عميقاً من سيكارته التي كان قد لفها بيديه· ونطق بهدوء بالغ :
 
- لست غريباً عنكم فأنا عمكم أيضاً، وأعرف كل شيء هنا، إن عدداً كبيراً من أبنائنا لم يتزوجوا بعد، ولكن بالمقابل هناك عدد كبير من بناتنا لم يتزوجن كذلك، فلماذا نقارن المسألة بالنسبة للأولاد فقط؟
 
ثم اعتدل في جلسته وواصل القول :
 
- اسمع يا عبد كنت أود أن أخبركم بمسألة واحدة وأرجو أن تنظروا اليها نظرة معقولة فالدنيا تغيرت يا ابن أخي· أنتم تعلمون ان نجية ولدت في المدينة وعاشت فيها، وتعلمون ان الحياة في المدينة رغم كل شيء تختلف عنها هنا·· أنتم تريدون امرأة تجيد طحن الحنطة وحلب الأبقار ورعاية الأغنام، ولكن نجية لا تجيد أي شيء من هذا، فأن من يتزوجها منكم ستكون كالعالة عليه، والزوجة التي ولدت هنا وتربت وعاشت وعرفت كل شيء عن القرية هي التي تفيدكم·
 
وهنا قال عبد بعد أن حسن من وضع عقاله الشطري(ü) فوق رأسه: - أنا معك في هذا، ولكن كيف نقنعهم؟
 
ثم أضاف بلهجة اخفت :
 
- على أية حال ان زيارتك عزيزة علينا، وليس هناك من مانع بالنسبة لي، فأنا متزوج والحمد لله ولا أفكر بزوجة أخرى· وهنا ضحك الشيخ علي من قلبه وهو يقول :
 
- لست مثل عمك·
 
وأشار بيده الى صدره، فضحك عبد وعقب :
 
- ولا مثل والدي الله يرحمه·
 
وبعد أن ارتويا من الضحك انتابت حنجرة الشيخ علي موجة من السعال الخفيف، وبعد أن مرت تنفس بارتياح وهو يقول :
 
- الله يلعن السيجائر·
 
- نحرق فلوسنا وصدورنا·
 
- بلاء، بلاء·
 
وامتلأ صدر الشيخ علي بالفرح وهو يقرأ القبول في وجه عبد والاقتناع بما قاله، فهو يعرف جيداً ان كلمته نافذة المفعول، وعلى الرغم من صغر سنه فهو صاحب الكلمة المسموعة في القرية·
 
وأضاف الشيخ علي حاسماً الموضوع الذي جاء من أجله :
 
- ما اريد أن أقوله أيضاً، اذا كان لأحدكم رغبة في البنت أرسلوا لنا الخبر خلال اسبوع والا فنحن في حل·

الصفحات