أنت هنا

قراءة كتاب البرزخ، نجمة في سفر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البرزخ، نجمة في سفر

البرزخ، نجمة في سفر

رواية "البرزخ، نجمة في شفر"؛ الصادرة عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للكاتب فريد رمضان؛ نقرأ منها:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
أبٌ وابنته، معْوَلٌ ومحْفَار، فخاخٌ وطيور، قبورٌ ولهاث، ريحٌ ناعسةٌ وسماء رخامية لا تنسى غيومها، صِنوُ الموت والضوء·
 
هو الأب، دليل الموتى،
 
وأنا ابنته وارثة الدرب·
 
أحفر وأزيح الحجر،
 
العب بما يصادفني من العظام،
 
اصطاد الطيور بالفَخَّ الذي صنعه لي·
 
كثيراً ما أشعر بتلك الحسرة التي تعصر شوائكه، وتكون حيرتي كبيرة في أن أكون سبب صمته الدائم· ماذا يمكن أن يتبقى لنا غير وجهه الذي يشبه أبوقردان، عينان دائريتان صغيرتان وفكٌ بارزٌ يزداد مع امتداد الأنف الطويل· هذا الوجه الذي كنت أعتقد دائماً بأنه يخفى خلفه وجهاً آخر لطالما تمنيت أن أراه، الوجه الذي يقدر أن يرفعنا إلى أماكن أعلى تبعدنا عن هذا العمل اليومي الذي اخاف كثيراً أن يلازمني مثلما لازم أبي ويلازم أمي منذ أن تزوجا·
 
لم أسأله لمن سيكون هذا القبر، إذ هو نفسه لا يعرف أحياناً هويَّة الجسد الذي سيوارى هنا، ولم تكن أسئلة مثل هذه تثيرني كثيراً· تناولتُ المِحْفَار، وبدأت بإزاحة التراب فغمرتني فجأة رغبة ملحة بمعرفة هويَّة الميت الجديد فرفعت رأسي وسألته:
 
- هل هو صغير يا أبي؟
 
- إنه صغير الجثة فقط· أنت لاتعرفينه، لقد صادف وأن قابلته عدة مرات في المسلخ، يسمونه سلمان الوحش، مع أنه ليس وحشاً، كنت أراه وهو يمسك خرُوفاً بيدٍ وينحره باليد الأخرى· كان كثير المراهنات وكثير الربح، الله يرحمه، راهن ذات مرة التاجر منصور بذبح وسلخ خرُوف ضخم جيء به من خارج البلاد· في المرفأ استطاع الخرُوف الهرب فتبعه سلمان في كل أزقة المحرق حتى قبض عليه ونحره أمام عيون المارة·

الصفحات