أنت هنا

قراءة كتاب البرزخ، نجمة في سفر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البرزخ، نجمة في سفر

البرزخ، نجمة في سفر

رواية "البرزخ، نجمة في شفر"؛ الصادرة عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، للكاتب فريد رمضان؛ نقرأ منها:

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
الماء فقط،
 
الماء الذي يلامسني بحنانٍ
 
ساخن
 
وطريّ·
 
هل للماء علاقة برعشة الموت، قلت لنفسي، الماء الذي يرافقني كلما مسني تراب المقبرة الشديد الصفرة، أو لرائحة الكافور التي تعبق بالمكان وكأنها عالقة بأنفي، يرافقني الماء وأنا أتابع نهديّ في نموّهما· تحرص أمي على سؤالي عن المواعيد المتأخرة، فلا أرد عليها، أو أتجاهل أسئلتها التي لم أكن أفهم معظمها، وأخجل من الأخرى· أسمع أبي ينهرها، ويؤكد لها بأن جسدي مازال فتياً على ذلك ، وأن بنيتي النحيلة ستؤجل كل المواعيد التي يمكن لها أن تلتقي مع جسدي في طفرته السخية· أخبر أمي عن الألم الذي في صدري فتطمئنني وتحدثني باقتضاب، وهي تهمس في أذني خوف أن يسمعنا أبي أو مريم عما سوف يحدث لامرأةٍ صغيرة في مثل سني، سأعرف وسوف أصبح مثلها كما تقول: امرأة ناضجة، لها جدائل الفصول، ورياح البحر، تغزل كلما هدّها التعب من أحلام صدرها أطفال بلون العنب·
 
على مَهَل، ارتديت ثيابي بعد أن نَشَّفْتُ جسدي عن الماء· دخلت غرفتي، أحكمت إغلاق الباب· غرفتي خالية إلا من حصير من الخوص، وسرير معدني أخبرني أبي بأنه اشتراه من الانجليز الذين يسكنون في القاعدة العسكرية القريبة من قريتنا· قرب النافذة الخشبية ثمة مرآة مطرزة جوانبها برسم طولي لطاووس، في قمة المرآة يبدو اسم الجلالة على شكل دائري، لونه أزرق باهت· تطرق مريم باب الغرفة فافتح لها· تقف عند الباب، تطيل النظر إليّ وكأنها تراني للمرة الأولى· تقول لي بأنني جميلة وإنه علينا أن نذهب لأم حمد الخياطة بعد صلاة العصر لكي نفصّل ثياباً جديدةً لعيد الأضحى· فرحت كثيراً، وصرت أمعن النظر في المرآة إلى صدري فأرى نهدين صغيرين، نافرين، وفستاناً جديداً كما فساتين أمي·
 
في هذه اللحظة كان هناك من يطرق باب البيت، بعدها سمعت أبي وهو يخبر أمي عن موت شريفة، لحظتها صعقت، كيف يموت من يغسل الموتى، وفكرت في أمي، وهي تستقبل شريفة، جارتنا التي تأتي كل صباح؛ لتفطر مع أمي وتقضي معظم النهار معنا، وهما تنتظران خبر وفاة أية امرأة من نساء المحرق، فيأخذان معهما عدتهما، ويقوم أبي أو سنان، ابن شريفة، بتوصيلهما في عربة يجرها الحمار، إلى منزل أهالي المتوفاة· نظل أنا ومريم وابنها جاسم، وهو ذو شعر أجعد أصفر، بانتظار حكاياتهما التي ستأتيان بها بعد الانتهاء من المهمة التي اعتادتا القيام بها·

الصفحات