رواية "سفينة وأميرة الظلال"؛ تضرب هذه الرواية الممتعة بجذورها الغائرة، في قلب الأسطورة العربية، تستطفي حكمتها البليغة وتستقطر نورها الرائق لتقدم أمثولاتها الرمزية للحياة، بنماذجها الغنية وظواهرها الملغزة، موظفة أساليب وتقنيات فنية جديدة..
أنت هنا
قراءة كتاب سفينة وأميرة الظلال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
الملك جبل والملكة سحابة
خرجت، وهمي يثقلني وكأني أحمل جبال السروات على كتف، وجبال العارض على الكتف الآخر، فكيف النجاة حيث لا نجاة···
بينما أنا غارق في تفكيري، وقد دارت بي تلك المدينة البهية، بقصورها وبساتينها وطرقها الفارغة من الناس، دون أن ألتفت إليها فقد تبين لي أنها ليست بمدينة العلم التي خرجت طالبا إياها···
إذ بي أسمع من يناديني:
ــ يا سهل ! يا سهل ! هون عليك، هون عليك···
جعلت ألتفت هنا وهناك ولم أر شيئا· خطر في نفسي:
هو الجنون يسبق الموت، هذه قسمة حياتي·
ثم سرت إلى ما لا أدري ! مع ما تريد سيدتي···
سرت حتى وصلت إلى قرية، قد خرج معظم أهلها لفلاحة الحقول، وجدتها قد بنيت كلها من طين، لا يظهر من منازلها إلا القباب، وجدران تحمل هذه القباب· لونت أبواب تلك البيوت الدائرية بأزهى الألوان، وعلى بساطتها خُطّت جدرانها الدائرية بأبيات من الشعر الرصين، لفتها كما تلف أغصان الخيزران الصحاف·
بعض المنازل كانت قد غطتها قصائد شعر كاملة، وبعضها الآخر لم يكتب عليها إلا بضعة أبيات، من أجمل ما خط على تلك الدور:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
قلت في نفسي كهذه الدور المستديرة يسكن الإنسان خلقه كحلقة لا يخرج منها حتى يعود إليها·