رواية "تحت سماء الكلاب"؛ إنها عمل أدبي مميز يسرد فيه صلاح صلاح حكايات الألم العراقي وتغلغل المخابرات الإسرائيلية في الأحزاب العراقية وشمال العراق.
أنت هنا
قراءة كتاب تحت سماء الكلاب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
الكردية، وكانت إجابة الشاعر أنه لا بد أن يعود الأكراد إلى ديانتهم الحقيقية من أجل خلق الأمة الكردية· بعد ذلك أخذت تضيع الكلمات وسط تعتعات السكر، ثم انسل كل واحد باتجاه معين لتغيبه الظلمة الواقفة عند بوابة النادي·
تحدث سائق السيارة التي تقلنا مع إحدى الدوريات التي أوقفتنا، ثم انطلقنا مرة أخرى· كان مقاتلو الحزب الشيوعي الكردستاني تجمعوا أمام مقرهم القريب من شارع الستيني، وكان المقاتلون يتجمعون حول نار أوقدوها، حيث تمنطقوا بكامل أسلحتهم· مشهد آخر يضاف للتيه الذي بدأ يغزو فكري· تذكرت في تلك اللحظة لقائي مع كريم أحمد سكرتير الحزب الشيوعي الكردستاني، والذي أسميته (العربيد)، أثناء الحديث معه، قفز إلى ذهني أن أسأله عن إمكانيات المقاومة فيما إذا تدخل الجيش، ولم أنتبه وقتها إلى التفاتاته وأشياء أخرى عن لاجدوى المقاومة على سبيل المثال· لم أسجل إجابته وقتها على آلة التسجيل التي كانت موضوعة أمامي، على اعتبار أن هذا لم يكن إلا سؤالا عارضا وشخصياً جدا· في بعض الأحيان، حينما ألتقي بشخصية معينة، وبعد أن أنتهي من إجراء الحوار الصحفي الرسمي، أعرج إلى أسئلة خاصة، أسئلة لم أكن أريدها لتخرج مع اللقاء الصحفي، وكنت أحب أن أكوّن من هذه الأسئلة إطارا خاصا للشخصية· في واحدة من هذه المماحكات قلت لكريم أحمد، الأكراد يطالبون بالفدرالية قياسا لعددهم بالنسبة للعرب، ماذا بخصوص التركمان الذين يشكلون في مناطقكم القومية الثانية، ألا يستحقون حكما خاصا بهم· وقتها انفعل كريم أحمد ويبدو أن الإرث القومي تفجر مغطيا على البعد الماركسي· تركت انثيالات تلك الأماسي تسيل في الذاكرة وأنا أسير بعد أن نزلت من سيارة الجريدة، الليل كان يقترب من نهايته، خلفي كانت نيران بشمركة الحزب الشيوعي الكردستاني تتلألأ· الفجر يزحف وفي أجواء المدينة سكون عظيم· الاستذكارات في تلك الليلة الندية كانت مائعة وفي بعض الأحيان حادة جدا· صور بيروت وهي تحت رحمة الطائرات الاسرائيلية مزقتني وقتها، لكنها الآن تستعاد بأجواء أخرى· برد ليالي أربيل كان يرمي نداه على الأرصفة، ثمة بيوت معدودة تستطيع أن تشاهد أضواءها، أما الغالبية فكانت تنام بانتظار الفجيعة القادمة· مامعنى اللذة، مامعنى الموت، مامعنى الابتئاس والإهمال واللاجدوى· أية مقاربات حزينة كانت تتكتل في سماء المدينة،