أنت هنا

قراءة كتاب تحت سماء الكلاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تحت سماء الكلاب

تحت سماء الكلاب

رواية "تحت سماء الكلاب"؛ إنها عمل أدبي مميز يسرد فيه صلاح صلاح حكايات الألم العراقي وتغلغل المخابرات الإسرائيلية في الأحزاب العراقية وشمال العراق.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
مقاربات كانت متشابهة من حيث قدوم الوحش ليحطمك، لكن هذه المقاربة تختلف كلياً عما يجري الآن· أنت هنا لست إلا سحلية مسكينة، فأرة متواضعة ومستضعفة بين أفاع هائلة الأجساد والأشداق· كل الأفواه تتوسع وتكبر من أجل التهامك أيها الغبي أو ياحمار الأزمنة المعاصرة· قبل يومين من الآن، وفي ليلة أربيلية، كنت أرسل النظر فيها باتجاه قلعة أربيل، شاهدت عشتار تخرج من تلك القلعة الأبدية في نور بهي وغريب· استغربت الأمر وفركت عيني، لكن عشتار كانت تطير، كانت تحلق باتجاه شمش أو رب الآلهة الكبير· لماذا كانت تخرج هكذا بعباءتها وشعرها المضطرب وهي تشبه أمل الجبوري، لماذا تهرب الآن وكأن أحداً ما قد اغتصب حرها فهاجت وماجت دون وازع، تريد تحطيم طاولة الآلهة· ثمة أسطورة قديمة تتحدث عن خروج عشتار المرعب لتصفه بأنه دائما ما يقترن بكارثة معينة· كنت فوق سطح الدار فيما الزوجة والأطفال نيام· عشتار كانت تحلق في سماء أربيل لتقول لي إنها مكتئبة من أجلي وحزينة من أجل الآخرين، ولم أستطع أن أحدثها عن أسباب حزنها· أويت إلى الفراش وأحلامي مثل حقيقتي، كانت تضطرب وكانت تتألم من الآتي الذي لا أعرفه·
 
سرت متمهلا في الشارع، توقفت وأشعلت سيجارة· شعاع النار المتبرعم بعيدا ما زال يضيئ لي بعض جنبات الطريق· بشمركة الحزب لا زالوا متحلقين حول الجمرات والألسنة الواهنة لنار السهرة المرير· من بعيد كانت أصوات حادة تمزق هدوء الليل، أصوات لم أستطع تمييزها بدقة لكنها أصوات مضطربة قلقة؛ تشبه الحشرجات· في بعض الأحيان يدخل الصوت في تركيبة الخوف والقلق والابتئاس، فتتحول لتكون شيئا فقط بلا ملامح وبلا وجوه، أو حتى بدون أحلام أو وجوه حالمة·
 
أربيل تغرق في هدوء كبير· تطلعت من سياج السطح لوجه المدينة الساكن، ثم قبلت زوجتي النائمة· حاولت في فجر تلك اليلة السرمدية أن أجد قمر آب، لكني لم أجد في السماء شيئاً، هناك محاولة لاختفاء كل شيء، أوقدت روحي على اطمئنان مزيف ثم غرقت في وحشة النوم بانتظار أحلام مريرة·
 
في زاخو ضاعت المسافات والمساحات والأحلام بالثورة القادمة، ضاعت كل الأشياء لأنها كانت ضائعة أصلا، الكل هنا يود الرحيل، حتى عصافير آب وغربان الجبال وبومة الأوقات البائسة· مقاهي زاخو تبتلعنا مثل قواد حقير ليتفلنا على جادة الطرق والأرصفة المدماة بنا·

الصفحات