جاء هذا الكتاب على ضؤ تنامي وتصاعد تطبيق الليبرالية المتوحشة في معظم دول العالم, حيث ابهر المجتمع الانساني على واقع هذه التجربة, بعد إن تم تبليعه طعم الليبرالية معتقدا انها الدواء الشافي لكل ازمآت البشرية, والحقيقة كانت غير ذلك فهذا الطعم تبين للعقلاء انه ط
أنت هنا
قراءة كتاب توحش الضمير الليبرالي وسقوط الهيمنة الأمريكية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
توحش الضمير الليبرالي وسقوط الهيمنة الأمريكية
الصفحة رقم: 4
ان الكثيرين من المفكرين اعتقدوا ان الديموقراطية الليبرالية تشكل نهاية التاريخ خاصة بعد ان فشلت تنبؤات وحتميات (كارل ماركس)في التفسير المادي للتاريخ فها هي الرأسمالية تتقدم وتتطور قبل وبعد قيام الاشتراكية العلمية, وتمكنت خلال قرون ثلاث ان تصحح من مسيرتها وتعالج العديد من عيوبها وأخطاءها. هذا وقد اشرنا استنادا الى المصادر التاريخية الى ان الافكار الليبرالية ظهرت خلال الفترة الممتدة ما بين عصر التنوير,والنهوض الاوروبي وحتى اعلان قيام الثورة الصناعية(1750ـ1850) اي انها جأءت كحركة تنويرية من خلال انتصارها الكاسح والماسح على النظام الاقطاعي الذي حكم اوروبا في العصور الوسطى, وهذا النظام الذي شوه سمعة تاريخ اوروبا والذي استند على الاستبداد والقهر والتسلط والعبودية وحبس واعتقال الحرية الفردية, والاهم انه شكل سدا منيعا في ولادة تطور الرأسمالية منذ فجر ظهورها بمؤسساته وقيمه وعلاقاته الاجتماعية, ولذلك فقد تنبه الفلاسفة التنويريون الليبراليرن لاحقا واستخلصوا العبر من انهيار النظام الاقطاعي, وادركوا ملامح المرحلة القادمة بولادة جديدة وزمن اجتماعي جديد للتطور, وقد انصبت آراء هؤلاء المفكرين والفلاسفة الليبراليين التنويريين من خلال برنامج العمل التالي"يجب العمل على تحطيم الافكار التي ساهمت في تغذية النظام الاقطاعي من خلال العمل على تسليح العقلية الرأسمالية الوليدة بنظرة مختلفة من خلال اعادة اكتشاف الانسان وحقوقه وقدرته على الاصلاح والتغيير والعمل للسيطرة على الطبيعة وبالفعل وما ان ظهرت افكار التنويريين كمنظومة ايدولوجية كاملة تعبر عن مصلحة الفرد الا وتلقفتها الرأسمالية الوليدة حتى انتشرت في المجتمع الاوروبي كانتشار النار في الهشيم. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف انتشرت افكار الليبرالية التنويرية بهذه السرعة؟, لقد انتشرت الافكار الليبرالية بهذه السرعة للاسباب التالية:
1) تطابق الافكار التنويرية الليبرالية مع عقيدة الرأسمالية الصناعية من خلال فتح اسواق جديدة.
2) ظهرت الافكار الليبرالية في اللحظة التي طالب رجال الصناعة الرأسمالية بازالة كل العوائق امام الرأسمالية الصناعية اي اطلاق حرية المنافسة من كل قيد اي ابعاد الدولة عن النشاط الاقتصادي وتحديد وظائفها في الامن الداخلي والخارجي.
3) تتكفل حرية المنافسة والمبادرات الفردية وآليات السوق بتحقيق مصالح المجتمع, هذا وقد عبر الاب الروحي لليبرالية (آدم سميث) عن هذه الفكرة من خلال اليد الخفية حيث كان مفهوم الليبرالية ينصب على تمكين الفرد من ممارسة اقصى درجات الحرية اي من خلال مبدأي الصراع والمنافسة اي البقاء للاصلح والاقوى وانه لكي يتحقق مبدأالتوافق ما بين المصلحة الفردية والمصلحة العامة لابد من تطبيق سياسة عدم التدخل اي توفير الحد الادنى من الحريات الاساسية للانسان وهي :"حرية العمل, وحرية التعاقد, وحرية التجارة وحرية التنافس ", ولذلك فان افضل السبل لاستمرار ديمومة هذه الحريات فلا بد من عدم تدخل الحكومات والمنظمات الاجتماعية في عمل هذه القوانين والا ازدادت الامور سؤا وتعقيدا .
ومن هنا يمكننا القول ان الرأسمالية الصناعية ساهمت مساهمة كبيرة في اختطاف الليبرالية والافكار التنويرية وشنت عمليات صاعقة وخاصة في انجلترا لمقاومة التشريعات المتعلقة بالعمل والعملات والحد من مساعدة الفقراء والغاء قوانين الحبوب والملاحة واطلاق حرية التجارة عبر البحار وتحجيم نطاق النشاط الحكومي وان تكون الضرائب قليلة جدا ."8"ولذاك لابد من التأكيد الى ان الافكار والنزعات الليبرالية التي ظهرت خلال مرحلة الرأسمالية الميركنتيلية ركزت على الحقوق الفردية كحق التعبير والعقيدة والتمثيل النيابي والمشاركة في القرار السياسي ولم يقتصر نشاطها على الجانب الاقتصادي مع ان هذا الجانب يعتبر لب فلسفة الليبرالية, والسبب في تسليط الليبرالية على الجانب الاقتصادي على حساب السياسي يعود الى النزعة البرجوازية الصاعدة والتي تمسكت بالخيار الاقتصادي لتحقيق اكبر حجم من الارباح والاستثمارات وجني الثروات, وان هذا الانجاز من وجهة نظر البرجوازية الليبرالية يعود الى نضالها الفردي وحسن تدبيرها واقدامها على المغامرة, ومن هنا يشير الباحثون في الاقتصاد السياسي الى ان الطبقة البرجوازية وقفت في البداية ضد اي جهة كانت تحاول المساس بحريتها الاقتصادية اي الحد من زيادة الارباح والثروات واحتكارها للسلطة .