جاء هذا الكتاب على ضؤ تنامي وتصاعد تطبيق الليبرالية المتوحشة في معظم دول العالم, حيث ابهر المجتمع الانساني على واقع هذه التجربة, بعد إن تم تبليعه طعم الليبرالية معتقدا انها الدواء الشافي لكل ازمآت البشرية, والحقيقة كانت غير ذلك فهذا الطعم تبين للعقلاء انه ط
أنت هنا
قراءة كتاب توحش الضمير الليبرالي وسقوط الهيمنة الأمريكية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
توحش الضمير الليبرالي وسقوط الهيمنة الأمريكية
الصفحة رقم: 9
جوهر الليبرالية السياسية
اعتبر الفلاسفة كما لاحظنا سابقا بان جوهر الليبرالية يكمن في الانسان ويجب العمل على تحرره من كل انواع السيطرة والاستبداد والعبودية وان الليبرالي الحقيقي هو ذلك الليبرالي الذي يكافح ويناضل كل اشكال الاستبداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكما لاحظنا ان الليبرالية لم تاتي من جهد وفكر عالم واحد او فيلسوف او عقل واحد وانما هي جهود مفكرين وفلاسفة عظماء ولذلك فان الذي مهد لولادة الليبرالية هو المناخ الديمقراطي وبدونه فلن يكون للقيم الليبرالية اي وجود.
ان اليبرالية الحقيقية هي البنت الشرعي للديموقراطية وان الليبرالية المزيفة ستنهار لانها لا تتوافق مع الليبرالية فمثلا الليبرالية لا يمكن ان تعيش في اجواء مسممة ومكممة واجواء قمع وانتهاك لحقوق الانسان وللحريات العامة ولذلك فقد انكشف امر الاحزاب السياسية التي تدعي انها احزاب ديموقراطية فمن خلال الممارسة انكشف امرالاحزاب بسبب انتهاكها الفاضح لابسط حقوق الانسان, ولذلك فقد اتسمت الليبرالية السياسية الحقيقية بالمحاورين التاليين:
المحور الاول: فقد جاءت الليبرالية من رحم الاقطاع والنظام الطبقي الذي يهدف الى استغلال الانسان وسحق آدميته من خلال الحاق الاذى بالشعوب من استعمار واضطهاد واستغلال لخيرات الدول والامصار والشعوب وما اثارته الليبرالية المزيفة من تناقضات حادة نجم عنها حروب طاحنه كالحربين العالميتين الاولى والثانية .
المحور الثاني: اتسمت الليبرالية بانها المفجر الاول في اشعال الثورات العالمية الكبرى كالثورة الانجليزية 1688,والثورة الفرنسية 1789, والثورة الاميريكية 1775, تلك الثورات التي اعتبرها المؤرخون بانها تمكنت من تحرير الانسان في الغرب بصفة اساسية ورفع الظلم عنه وعملت على تخفيف الفقر والمجاعات والامراض والاوبئة المستفحلة وتحسين مستوى معيشة الناس على الاقل في المجتمعات الغربية "12".
ولكي لا نخلط ما بين الديموقراطية واليبرالية الرأسمالية يقول المفكر الاميركي دي توكفيل في دراسته الكلاسيكية عن الديموقراطية الغربية الاميريكية عام 1825 "ان الديموقراطية تستثني بطبيعتها اعطاء اي دور رئيسي للفرد, وتنفي فكرة القائد والبطل,ولهذا فان مؤرخي المراحل الديموقراطية لا يعطون اي فضيلة لاثر الفرد عند مقابلته مع قدر الامة او لدور المواطنين على دور الشعب بل يعطون العكس اسبابا جامعة وكبيرة لكل نوع من انواع الاحداث الصغيرة التافهة, ولكن في الانظمة الارستقراطية نجد بعض افراد يحتلون المكان الاول في مسرح التاريخ يستوقفون النظر ويركزونة عليهم, فيما الديمقراطيات يكون فيها المواطنون مستقلين الواحد عن الاخر, وكل واحد منهم ضعيف بمفرده ولذلك لا يرجعون الى اي فرد منهم اي اثر كبير او دائم في المجتمع "13", فيما المؤرخ الاميريكي بيترسون اوضح ان المفهوم الديموقراطي الليبرالي الذي قامت عليه الجمهورية الاميريكية ينفي الدور الذي عادة يعطى للقائد الكبير في صنع التاريخ ان الديوقراطية تختلف عن الليبرالية من مفهوم جماعي اي الشعب وهي بالاصل تعني سيادة الشعب او الامة, واكدت على حرية الفرد بينما الليبرالية ترتكز على الفرد, وترى ان التطور العضوي لكافة امكاناتة وقواة الطبيعية هو جوهر الحرية, وتعمل في سبيل وضع لايغير مجراه الطبيعي كبير ويترك له اثرا واكبر قدر ممكن من الحرية, ان الديموقراطية تنطلق من المساواة بين الشعب بينما الليبرالية الرأسمالية ترتكزعلى انعاش طبقة على حساب طبقة اخرى, ان الليبرالية هي تلك الاسلوب الذي يعد حصيلة لصراع ازاء اضطراره بعد كسبه لتجارب لا تحصى كي يصل الى هذا المستوى من التفكير بعيدا عن اي قيود تعيق تقدمة وانطلاقة وهذا عكس الديمقراطية فالاخيرة قد تضطر الى تقيد الانسان "14".
في ضوء ما سبق فأن الليبرالية هي حصيلة تجارب الانسان عبر القرون الماضية والتي توصلت الى سن التشريعات والقوانين التي تراعي الضروف التي انتهى اليها الانسان وخاصة منذ تراكم حصيلة الظواهر البشرية الكبرى سواء اكانت في مرحلة الاكتشافات الجغرافية في القرن الخامس عشر او مرحلة الاصلاح الديني لمارتن لوثر وكالفن في القرن السادس عشر او في الثورة الاقتصادية الميركنتيلية التي سنتحدث عنها لاحقا لدول المدن في القرن السابع عشر او في الثورة الفكرية والبحث عن روح القوانين والحريات في القرن الثامن عشر والتي توجت في الثورة الفرنسية او في حركات التنوير الفلسفية ويوتبيا التفكير والثورة الصناعية في القرن التاسع عشر واتي اوصلت الدول الاستعمارية الى اوج قوتها وهذا في الحقيقة هراء كما يزعم الليبراليون وسيرى القارىء لاحقا كيف ساهمت الليبرالية في شقاء الانسان وتعاسته, كما اننا يجب ان نعترف بان التطور العلمي والتكنولوجي الهائل الذي تعيشه البشرية ما كان ليكون لولا جهاد ونضال المفكرين والفلاسفة وانه لولا مناخ الحرية وحرية التعبير والتي هيأت السياسي الذي نتج عنه النضال الديمقراطي, وليس كما يزعم كهنة الليبرالية فهم نتاج طموحات رأس المال والذي سندرسه بالتفصيل عند الحديث عن الليبرالية الاقتصادية والتي استغلت الليبرالية السياسية وسارت على نهجها ولكن ليس لتحرير الانسان بل لتحرير الاسعار وكسب الارباح على حساب الانسان .