جاء هذا الكتاب على ضؤ تنامي وتصاعد تطبيق الليبرالية المتوحشة في معظم دول العالم, حيث ابهر المجتمع الانساني على واقع هذه التجربة, بعد إن تم تبليعه طعم الليبرالية معتقدا انها الدواء الشافي لكل ازمآت البشرية, والحقيقة كانت غير ذلك فهذا الطعم تبين للعقلاء انه ط
أنت هنا
قراءة كتاب توحش الضمير الليبرالي وسقوط الهيمنة الأمريكية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
توحش الضمير الليبرالي وسقوط الهيمنة الأمريكية
الصفحة رقم: 6
نشأت الافكار التنويرية لليبرالية السياسية
اشرنا في ما سبق الى انه مع نمو رأس المال التجاري ودخول الاقطاع مرحلة التفكيك والتفكك بدأعصر التنوير والنهضة وهو العصر الذي تميز بالثورة على جمود العصور الوسطى والدعوة لتقديس العقل والفردية والحرية ومحاولة فهم العالم بمنطق يختلف عن آباء الكنيسة والفكر الاغريقي . ان زيادة مستوى الدخول وارتفاع مستوى المعيشة نسبيا الناجم عن حركة التجارة الواسعة سواء عبر البحار او داخل المجتمعات الاوروبية, وما واكب ذلك من حركة كبيرة للمخترعات والاكتشافات في مجال الاسلحة وبناء السفن واختراع الطباعة وساهمت في بزوغ الافكار التنويرية التي تدعوا الى الحرية والايمان بقدرة الفرد على التغيير والتطور, وكان واضحا الى ان البرجوازية وصلت الى قناعة مطلقة بان سلطة الكنيسة والافكار الدينية وفلاسفة العصور الوسطى اصبحت تشكل عبئا عليها, ولذلك اتجهت نحو الوصول الى معرفة اسرار المادة لتمكن الانسان من السيطرة على الطبيعة وتفتح امامه امكانات واسعة لاستغلالها والسيطرة عليها فاخذت تميل الى تشجيع المذهب العلمي والاكتشافات الجديدة وتتحمس للسلطة والعقل والتجريب وخاصة وانها توقعت ذلك كله يمكن ان يزيد من ارباحها كل ذلك ادى الى تفجر الوعي الفكري والثقافي وقلب مجتمع العصور الوسطى والاهم من ذلك ان العقائد الجامدة قد تم تحطيمها حيث تمكن الفنان ليونارد دافنشي وهو المخترع والعالم من القيام بتشريح جسم الانسان وسطوح الاجسام واشكالها ويجعل من الفن علما, فيما كوبرينكس حيث تمكن من تغيير نظرة الانسان الى الكون معتبرا ان الشمس لا الارض هي مركز الكون, فيما رحلات ماجلان وفاسكوديجاما وكريستفركولمبوس والتي اثبتت كروية الارض وفتحت المجال امام الاكتشافات الجديدة للطرق البحرية .
كل ذلك ساهم في ولادة جيش ضخم من العمال المهرة والتكنولوجيين المهتمين بصناعة السفن وآلآت البحرية نتج عنه تقدم علم الجغرافيا ورسم الخرائط وعلم الفلك وهو جاليلو الذي اعتمد على التلسكوب بفتح آفاقا واسعة في اكتشاف الاجرام السماوية والافلاك المختلفة وتمكن من تحليل حركة البندول وسقوط الاجسام, ومن هنا يمكننا القول ان التقدم الذي احرزته الرأسمالية التجارية انذاك هو الثمرة الواضحة للتقدم الذي احرزه هؤلأ وتحول هدف الكيمياء من خرافة اكتشاف الذهب وحجر الفلاسفة الى البحث عن المعادن والمواد وخواصها وطرق تحولها وتغييرها, وكان البارميتر الذي اكتشفه تورشللي اثر كبير في قياس ومعرفة الضغط والفراغ والهواء ومكوناته, كما وحدثت قفزة في عالم النباتات والكائنات الحية بفضل اكتشافات المكروسكوبات واصبح الطب علما بعد ان كان شعوذة ثم جاء اسحاق نيوتن في كتابه المبادىء ليضع نهاية لسيطرة العلوم الاغريقية التي سادت في العصور الوسطى واكتشاف طرائق حسابات التفاضل والتكامل واستخدامها في تحويل النظريات الفيزيائية الى نتائج محسوبة تؤكدها المشاهدات ويتوصل لقوانين الحركة والجاذبية التي اصبحت فيما بعد اساسيات علم المكانيكا وغيره من العلوم, وعلى صعيد المعرفة فقد تم السيطرة على الطبيعة وكان من الطبيعي ان يواكب ذلك ثورة في عالم الفلسفة فقد بداء عصر عبادة العقل حيث حمل فرانسيس بيكون في انجلترا اول من حمل لواء الدعوة لهذا العصر وراية التمرد على العصور الوسطى المعتمدة على المعرفة الميتافيزيقية والمنطق الارسطى فقد اعتمد بيكون على ضرورة فهم ضواهر الكون والحياة على اساس الاختبار العملي والمقارنة والتحليل والقياس العقلي معتمدا على التجربة والحواس, فقد دعا الى قيام العقل البشري برحلة في الكون ليس لها من نهاية سوى حدود الكون نفسه فقد رأى في العلم وسيلة لبناء حياة فضلى لأن العلم قوة ومن خلاله يستطيع سيد الطبيعة اذا استطاع فهم اسرار هذه القوة فقد ركزت دعوته في الاساس على تفسير ما نجهله من خلال الاستقراء الارسطى الذي ينتقل من الكليات الى الجزئيات وغاية هذا الانتقال ليس هو المعرفة ذاتها كما اعتقد فلاسفة اليونان بل استخدام هذه المعرفة للسيطرة على الطبيعة, ومن هنا فقد انطلقت شرارة الفلسفة وانتقلت الى معظم الدول الاوروبية واصبحت دعوة بيكون عنوانا للثورة العقلية التي اتت على البنيان الفكري للعصور الوسطى فاجهزت عليه واحالته الى تراث عتيق, هذا وجاءت افكار الفيلسوف اسبينوزا تصب في ذات المسار حيث ذهب الى القول بان الخير الاسمى هو معرفة الاتحاد ما بين العقل والطبيعة وانه كلما زاد العقل كلما ازداد فهما لقواه ولنظام الطبيعة.