رواية حارس الأوهام الرمادية؛ للكاتب البحريني جمال الخياط؛ الصادرة عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:
أنا الآن تعب ، ومهموم · هكذا أشعر في هذه اللحظة الخرافية بصدق ·
أنت هنا
قراءة كتاب حارس الأوهام الرمادية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حارس الأوهام الرمادية
الصفحة رقم: 1
الفصل الأول
أنا الآن تعب ، ومهموم · هكذا أشعر في هذه اللحظة الخرافية بصدق ·
لا أدري كيف دهمني هذا الإحساس ولماذا سمحت له بالتغلغل إلى حطام نفسي البالية· أسئلة معقدة من الصعب الإجابة عليها ، مؤقتاً على الأقل· ربما أحمل في ذاكرتي المنحوسة بؤساً لا تلمحونه يطل شامخاً من شرفات عيني ، ولا تترجمه تصرفاتي المشكوك في عقلانيتها ·
أبدو غريباً اليوم ، بل أستطيع الجزم بأنني مكتنف بالغموض · من حقكم الطبيعي والمشروع ، كما هو حقكم الثابت في استنشاق الهواء واجتراع الماء ، أن تستنكروا أو تستغربوا ، ويحلو لكم قذفي بأوجاع السؤال · لكن المؤكد أن قلبي الحزين مرتع خصب للأوجاع المستوطنة ، أوجاع طفيلية لم تنقلها امرأة ساحرة كما تتوهمون وكما أحاول جاهداً ودائماً وضعها إطارا لتأوهاتي وشرودي الملازم لي كظلي · إن جنوني بالمرأة ، وولعي بأنوثتها وفتنتها يا كرام السادة ابتدعته ، أساساً ، لإرضاء شبق فضولكم، ولتحرير قيد غرائزكم المكبوتة في قمقم التقاليد·
دعوني وشأني مع هذا الوجع القادم من دنيا المجاهيل ، من حقي التوحد معه، ولو كان صنع القرار بيدي لاقتسمته معكم عن طيب خاطر ، كما هي العادة دائماً · حدقوا بتمعن الى تقاطيع وجهي المتعفن ، ألا تستطيعون تمييزه اليوم؟ ألا يعني لكم هول الهوة السحيقة بين الجانبين شيئاً ، وانطفاء لمعة البريق في العينين المخمورتين والجبهة الممهورة بتضاريس العطش؟ ما لكم والوجع ، فأنتم لم تنظروا لوجهي قط بتأنٍ ، ولو فعلتم فسرعان ما تمطروني سخرية واستهزاء ، وبصقاً في بعض الأحيان الخبيثة · دعوني وشأني أتفكر وأستخلص أيسر الحلول وأكثرها فاعلية · أيام قلائل ونعود إلى لعبتنا القديمة ، لعبة القط والفأر · للمرة الأولى أستحلفكم أن تنظروا لطلبي المعقول بشيء من الجدية · لا تحملونني على اتخاذ قرار سوف نندم عليه جميعاً فيما بعد ·
يستظيفني مطعم من الدرجة الأخيرة يقبع في رحم السوق ، تنتظرني هناك لقمة قذرة بثمن زهيد أستجديه منكم متسلحاً - كما هي العادة - بوقاحتي · هنا لا أستطيع التفكير بهدوء ، فقد خاب ظني ، الضوضاء تبتلع المكان وأنا بأمس الحاجة للهدوء · عرضت عليكم سلفاً ، بخجل تعهدونه مني للمرة الأولى ، استضافة مؤقتة ، لليلة واحدة فقط ، فأنتم أصدقائي المقربون · استهجنتم جرأتي وكان الانفضاض الفاضح هو جوابكم القاطع · عرفت بعدها أنكم أصدقائي الذين لا يمكن الاتكال عليهم وقت الضيق ·