قبل الولوج في حياة إبراهيم طوقان وشعره، لا بد من الحديث عن أحوال الوطن العربي عامة وعن فلسطين خاصة، لمعرفة تاريخ المرحلة التي عاشها الشاعر إبراهيم طوقان، وما كان فيها من أحداث جسيمة، والمؤثرات التي تفاعل معها الأدباء والشعراء.
أنت هنا
قراءة كتاب إبراهيم طوقان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
إبراهيم طوقان
الصفحة رقم: 2
هذا الديون
بقلم: أحمد طوقان
هذا هو ديوان أخي إبراهيم، أضعه بين يديك أيها القارئ الكريم، بعد أن ساعدت الظروف على نشره، غير مدّعٍ فضلاً في جمعه ولمّ شتاته، فقد كفاني المرحوم إبراهيم مشقة الجمع وعناء البحث بين مفرق الأوراق.
أما السبب في تأخير نشر الديوان حتى هذا العام، فهو أن المرحوم إبراهيم قد اختاره الله إلى جواره في اليوم الثاني من شهر مايس سنة 1941 ميلادية أثناء الحرب العالمية الثانية، أيام كانت الطباعة مراقبة، والأفواه مكمومة، فآثرت الانتظار، حتى يبدل الله حالاً بحال. ثم وضعت الحرب أوزارها، ودخلنا نحن أهل فلسطين في صراع كانت أيامه أشد هولاً علينا من أيام الحرب. ثم كانت نكبة العرب في فلسطين، وكانت الكارثة التي أذهلت الناس وشغلتهم عن كل شيء سواها.
قلت إن إبراهيم، رحمه الله وندّى ثراه، قد كفاني مؤونة جمع الديوان، ذلك لأنه جمع ديوانه بنفسه قبل أن فارق دار النكد والفناء إلى دار النعيم والبقاء، وإنك لتجد بين مخلفاته دفاتر متعددة، كتبت في مناسبات متفاوتة في القدم. فهذه قصيدة أثبتت في المجموعة الأولى، فمر عليها قلمه في مناسبة أخرى فحذفها وكتب عليها (قصيدة مفككة الأوصال باردة العاطفة)، وتلك قصيدة أخرى حذفها بدون تعليق، لاعتقاده أن المناسبة التي قيلت فيها لم تكن بالمناسبة التي تستحق الخلود. ثم نقل رحمه الله، تلك المجموعة المنقحة مرة أخرى. ولم تنج هذه المجموعة الثانية أيضاً من قلمه، بل أعمله فيها فحذف ما حذف، وأثبت ما أثبت. أما ما ستطالعه في هذا الديوان، فهو بعينه ما كان سيطلع به علينا المرحوم إبراهيم لو مدّ الله في أجله، وأشرف بنفسه على طبع ديوانه. وأما مجهودي، إن جاز لي أن أسميه مجهوداً لضآلته، فهو أني قد وضعت بعض الحركات لتسهل معها قراءة الشعر، وزدت أسطراً شرحت بها بعض المناسبات لمنفعة أولئك الذين لم يعاصروا القضية الفلسطينية منذ نشأتها. فإن وجدت أيها القارئ نقصاً فإبراهيم بريء منه، فما كان النقص ليبقى لو أشرف، رحمه الله، بنفسه على طبع ديوانه.
وبعد، فها هو (ديوان إبراهيم)، يثير نشره اليوم شجناً، ويجدد حزناً، ورحم الله من قال:
وكنا إذا ينآى به بين ليلة
يظل على الأحشاء من بينه الجمر
وهذا إذا كان الفراق لليلة
فكيف لبين كان موعده الحشر