أنت هنا

قراءة كتاب إبراهيم طوقان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إبراهيم طوقان

إبراهيم طوقان

قبل الولوج في حياة إبراهيم طوقان وشعره، لا بد من الحديث عن أحوال الوطن العربي عامة وعن فلسطين خاصة، لمعرفة تاريخ المرحلة التي عاشها الشاعر إبراهيم طوقان، وما كان فيها من أحداث جسيمة، والمؤثرات التي تفاعل معها الأدباء والشعراء.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 9
وفي غادة إشبيلية أندلسية، كانت في بيروت، نظم إبراهيم فيما نظم من شعر غزل في ذلك الحين، عدة قصائد، وهو يعترف بأن انجذابه إلى هذه الغادة، قد لا يكون بدافع جمالها، وخفة روحها، بمقدار ما كان يتقرّاه في خلقتها من الدم العربي، وما كان يلاحظه من الفن العربي في ثيابها ورقصاتها.
 
وأثناء إقامته في بيروت قدم الجامعة الأميركية الدكتور (لويس نيكل البوهيمي)، وهو مستشرق تخصص في الغزل العربي، فكان يتنقل بين عواصم الشرق والغرب، باحثاً في مكاتبها الكبرى عن الكتب المتعلقة بموضوعه، وكان من نتيجة ذلك أن ترجم إلى اللغة الإنكليزية كتاب (طوق الحمامة) لابن حزم الأندلسي. وقد تعرف إبراهيم بالدكتور نيكل عن طريق صديقه الأستاذ أنيس فريحة، وكان هذا المستشرق، حين تعرف بإبراهيم، قد بدأ بتصحيح كتاب (الزهرة) لابن داود الأصفهاني، وتعليق حواشيه وتنظيم فهارسه. فلما رأى مدى اطلاع إبراهيم على الشعر القديم دعاه إلى العمل معه وإشراكه في تصحيح الكتاب وطبعه؛ وباشرا العمل معاً في اليوم الثاني للمقابلة الأولى. وفي بضعة شهور أنجزا عملهما فيه حيث طبع الكتاب سنة 1932. ويقول الدكتور نيكل بهذا الشأن في رسالة خاصة تلقيتها منه: «... ثم أقمنا حفلة (الزهروية) في مطعم نجار، ونظم إبراهيم قصيدة (غادة إشبيلية)، وكانت تلك الأيام من أسعد أيامه وأيامي...».
 
وفي نهاية العام الثاني لتدريسه في الجامعة، قدّم إبراهيم استقالته من العمل، وعاد إلى فلسطين، حيث زاول مهنة التعليم في المدرسة الرشيدية في القدس. وفي هذا الحين، ضاق بعمله أشد الضيق، فنفّس عن الكرب الذي لحقه من هذه المهنة بقصيدته (الشاعر المعلم) وقد صاغها في قالب فكاهي عذب، صور فيه ما كان يكابده من مشقة التعليم، والجهد الذي كان يبذله، والعناء الذي كان يلاقيه من جراء ذلك كله.
 
وفي أواخر سنة 1932، وقبل انتهاء الفصل الدراسي الأول، ألح عليه السقم، ولازمته العلة، فانقطع عن التدريس، وظل طريح الفراش، إلى أن اشتدت وطأة المرض، فأشار الأطباء بضرورة نقله إلى المستشفى، وإجراء عملية جراحية في معدته. ولقد كان من خطورة شأن هذه العملية، أن نفض الجرّاح يديه من نجاة مريضه من الموت بعدها، لما كان عليه إبراهيم من النحول والضعف. ولكن (الله في السماء، والأمل في الأرض!) فقد أجريت العملية بالرغم من الشك الكبير في نجاته من خطرها. وتشاء حكمة الله، أن ينجو إبراهيم من الموت المحقق؛ ولقد أقر الطبيب يومئذ، بأن سلامة مريضه كانت من معجزات الله، لا شأن لفن الطب فيها، ولا لحذق الطبيب، إذ كانت حال إبراهيم فوق هذين كليهما.
 
وتماثل للشفاء، وحانت الساعة التي سيغادر فيها المستشفى، فشيع الطبيب هذا (المولود الجديد)، كما كان يسميه، مهنئاً والديه به. وخرج إبراهيم وفي جيبه ورقة عليها هذه الأبيات:

الصفحات