أنت هنا

قراءة كتاب فن الحياة مع المراهق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فن الحياة مع المراهق

فن الحياة مع المراهق

لكل كتاب في العالم رحلتان· لكن هذا الكتاب له أكثر من عشر رحلات· فالكتاب التقليدي يبدأ كرحلة أولى عند البدء في إعداده كفكرة وتنتهي الرحلـة الأولـى بأن ترى أنت- عزيزي القارئ - هذا الكتاب مطبوعاً· وأما الرحلة الثانية في الكتاب التقليدي فتبدأ أثناء قراءتك له :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
وتنظر عينا الأب إلى عيني الأم حين يحاول أن يوجه لها رسالة قد تكون منطوقة وقد تكون بمجرد النظرات: لقد بدأت مسؤوليتك عن شرح كل شيء للبنت
 
ومهما كانت الأم متعلمة أو جاهلة، ففي أعماقها وأعماق ابنتها لون من التساؤل المشوب ببعض الصراع· التساؤل في أعماق الابنة: اعذريني يا أمي، لقد كبرت وهذا يعنى أن مكانة الأنثى اللامعة في سماء البيت يجب أن تكون مكانتي·
 
وتترجم الابنة هذه الرسالة عملياً بأن تأخذ بعضاً من أشياء الأم وحاجاتها الخاصة: زجاجة العطر، وأحمر الشفاه، وبعضاً من الملابس الداخلية والأحذية والحقائب·
 
وتترجم الأم هذه الرسالة إلى معنى آخر· إن الأم تتذكر لحظة ووصولها إلى البلوغ: حذرتها أمها من اللعب مع الشباب، وقامت الدنيا ولم تقعد عندما ضبطوها تتلقى رسالة غرامية من ابن الجيران· ثم جاءت الداية على عجل لتقوم بعملية· وقامت الدنيا ولم تقعد عندما نجحت البنت أن تتزوج العريس الذي جاءت به إحدى القريبات وقالت: لابد أن أكمل تعليمي وقامت الدنيا ولم تقعد عندما اختارت الأم أن تقبل خطوبة زميلها في الجامعة· وقامت الدنيا ولم تقعد عندما قال لها خطيبها: مشوار الحياة صعب وأنا لا أستطيع أن أجهز البيت المطلوب· وقامت الدنيا ولم تقعد عندما أعلن الكبار فشل الخطوبة· ثم انطلقت الزغاريد في المنزل لتعلن خطوبة الابنة لعريس مقتدر·
 
وغرقت أعماق الانة - التي صارت أماً من بعد ذلك - في بحر من الدموع· وتوالت كلمات النصيب والقسمة والحظ المكتوب على الجبين تضمد أحزان العجز عن صناعة الحياة مع من تحب·
 
وفى كل تلك الحالات صارت أعماق الأم مضبوطة بانتباه بالغ على حقيقة علمية هي أن كل فتاة عربية في أي بلد من المحيط إلى الخليج تحفظ ميعاد الدورة الشهرية عن ظهر قلبَ إن تقاليد المجمعات الشرقية تحيط بالفتاة من كل اتجاه· وميعاد الدورة الشهرية له دلالات هامة عند الأسرة الشرقية·
 
لكن على الضفة الأخرى من العالم، نجد الفتاة الإنجليزية أو الأمريكية أو الفرنسية تقول لوالدتها : من الأفضل أن نزور معاً طبيب أمراض النساء حتى أستطيع اختيار مانع الحمل المناسب لي·
 
وكثيراً ما قرأنا عن أسر مصرية أو عربية هاجرت إلى أمريكا أو الغرب، ولكنها عادت بسرعة رغم النجاح المهني، وفضلت الحياة مرة أخرى في مجتمعاتها الشرقية رغم الصعوبات اليومية· والسبب أن الأب والأم لا يريدان للابنة أن تمر بتجربة المراهقة في المجتمع الغربي حيث لا يتطور الإنسان بهدوء من مرحلة عمر إلى مرحلة أخرى، بل يقتحم مراحل العمر وكأنه يغتصب حقوقاً ولا يمارس حياة· وليس أدل على ذلك من هجرة عشرات الآلاف من الشباب الأمريكي والأوروبي إلى المجتمعات الشرقية في الهند، وجنوب شرق آسيا، واليابان - إن أمكن - لا لشيء إلا لأن المجتمعات الغربية يحدث فيها تطور الحياة بأساليب وبتقاليد قد لا تعجب أبناء المجتمعات الشرقية·
 
إن الفتاة في المجتمع الشرقي تقرأ بعضاً من أقوال الفتاة في غرب أوروبا وأمريكا بلون من الدهشة، وتشاهد نماذج الحياة الغربية على شاشة التليفزيون بلون من الاستغراب· فالفتاة المراهقة الأمريكية التي تعيش في المدن الكبيرة، تزور الطبيب النفسي وتقول له: إنني في حيرة من أمري، فأهلي يخافون علي من الحمل في الصغر، ومعظم أصدقائي يعتبرون أن العلاقة الكاملة بين الشاب والفتاة حق طبيعي لهم، فالاحتضان العميق وممارسة العلاقة الكاملة بين الشباب والفتاة هي أمر يتعلق بنشاط الغدد

الصفحات