أنت هنا

قراءة كتاب مرافئ - إبحار في لغة الوجود وفكره

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مرافئ - إبحار في لغة الوجود وفكره

مرافئ - إبحار في لغة الوجود وفكره

"مرافئ - إبحار في لغة الوجود وفكره"، هذا الكتاب هو رحلة فكريّة بين السطور، نعبر بها محيطات وبحاراً، ونرسو دائماً في مرافئ تزوّدنا بالحياة والحرية والعدالة. وما بين مرفأ ومرفأ، نواجه عواصف وأنواءً فكرية تسكن وجداننا..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
أولاً اليسار السياسي المستنبط من عقيدة هيجل والقائلة بحتمية التاريخ·
 
وثانياً المواقف الفكرية السائدة في فرنسا في تلك الحقبة والقائلة كل شيء أو لا شيء وقد اعترف كامو بذلك حين قال:
 
ما كنت لأكتب المتمرد لو أنني في الأربعينات لم أجد نفسي وجهاً لوجه أمام أناس لم أفهم أفعالهم، باختصار لم أدرك أن أناساً يستطيعون أن يعذبوا آخرين دون أن يكفوا عن النظر إليهم·
 
وهنا أتساءل كيف استطاع كامو أن يكتب هذا، كيف لم يستطع أن يفهم الحدث الذي يعيشه ؟ هل يرجع ذلك إلى تفكيره بأن الجريمة يمكن أن تبرر منطقياً وعقلياً وقانونياً، وأن تحول منهجها إلى قوة ؟ هل هذا ما دفع بكاتب ومفكر مثل كامو إلى قول ذلك ؟
 
إن كامو، وهو أحد رموز فلسفة التمرد التي سادت أوروبا في عصره، يرى التمرد بشكله المطلق الميتافيزيقي، يؤدي بحرية الإنسان إلى التحول لظلم الآخرين· بينما مفهوم التمرد التاريخي المرتبط بالثورة، هو تمرد على الظلم الاجتماعي وتكون محصلته العدالة·
 
وقد فهم كامو التمرد التاريخي لكنه حوله إلى إرهاب شديد ضد حرية الفرد، بينما حرية الجماعة هي حرية للفرد أيضاً· لذلك برزت المتاهات في مفهوم الحرية عند هذا الفيلسوف المتمرد·
 
لقد أثبت كامو ولوجه في معاناة المثقف الأوروبي وصراعه الفكري في تلك المرحلة، وما عرضنا لفلسفته إلا من قبيل المقارنة بين مفهومين للتمرد، المفهوم الأول عند كامو والثاني ذلك المرتبط بالثورة البناءة التي تؤدي إلى حصول الإنسان على حقوقه وحريته كمبدأ عام في المجتمع· وكامو فكرياً وقف ضد التمرد الذي يؤدي للثورة السياسية من خلال مطالبته إياها بالتخلي عن الغايات المطلقة·
 
إن مفهوم التمرد الثوري يظهر في كل عمل فني، سواء كان بالكلمة الشعرية أو الروائية أو كان بالتشكيل الفني· فالفنان الذي يدين الواقع السياسي بلوحة فنية يتحدى بها الواقع المفروض، هو كالشاعر والأديب عندما يعبران عن توترهما الرافض لكل أشكال الظلم بالكلمة التي تدخل في صلب القضية الإنسانية·
 
هؤلاء يقودون المجتمع للتقدم والتغيير من أجل الحرية والعدالة اللتين تقضيان على تعاسة الإنسان وشقائه·
 
هذا هو مفهوم التمرد الذي نطالب به والذي نريده أن يكون بشارة لمستقبل الإنسان، وليس ذلك الميتافيزيقي الذي يرتد إلى المجهول وإلى العبث·
 
1985-4-9

الصفحات