إن رحلة البحث عن حياة البزاز ومسيرته ليست سهلة، ولكنها في الوقت نفسه ليست صعبة، خاصة بعد أن اتسعت في الأوساط السياسية والصحفية والتاريخية موجة المذكرات الشخصية التي تساعد الباحث في مهمته.
أنت هنا
قراءة كتاب عبد الرحمن البزاز - أول رئيس وزراء مدني في العراق الجمهوري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

عبد الرحمن البزاز - أول رئيس وزراء مدني في العراق الجمهوري
الصفحة رقم: 5
كان البزاز معجبا بمحمد جواد الجزائري 1 8 8 1- 9 5 9 1 ويقول عنه انه اول زعيم روحي وضع مقدمات الثورة العراقية الكبرى عام 0 2 9 1 وكان مرجعية لجيل اخر نظمه في تيار عربي قومي حين دعا إلى انشاء دولة عراقية للخلاص من الاساطير القرون الاولى·
ويقول البزاز عن الجزائري كان فقيها ومتكلما وشاعرا وخطيبا ومتفقه في الدين ولد في النجف الاشرف لال الجزائري وكذلك شقيقه الشيخ عبد الكريم الجزائري 2 7 8 1 - 2 6 9 1 الذي كان احد زعماء ثورة العشرين وكان فقيها ايضا ·
يمتلك عبد الرحمن البزاز مكتبة كبيرة في بيته تشغل غرفتين في الطابق الارضي وغرفة ثالثة في الطابق العلوي اذ كان يقضي معظم اوقاته في المطالعة أو مقابلة الاصدقاء والزوار ويمارس البزاز رياضة المشي والسباحة والاعتناء في الحديقة اضافة إلى حبه للجلسات الثقافية في داره والتي كانت تضم خيرة المثقفين اذ كان البزاز يقيم علاقاته على اساس ثقافي واجتماعي فهو كان احد مؤسسي نادي المثنى ثم نادي البعث الذي اغلق بعد عام 6 5 9 1 بعد حرب السويس وهو ناد قومي ثقافي لا علاقة له باي حزب أو منظمة سياسية فاغلق لمجرد دعوته الفكرية للقومية العربية وعرف البزاز على مستوى الشارع السياسي العراقي ابان العدوان الثلاثي على مصر سنة 6 5 9 1 وذلك عندما رفع البزاز وكان يومئذ عمديا لكلية الحقوق مع مجموعة من اساتذة الجامعة مذكرة إلى وزير المعارف يشجبون فيها العدوان وينددون بموقف الحكومة العراقية المتخاذل ازاءه فكان جزاؤهم ان فصلوا من الجامعة وحددت اقامتهم في بنجوين وتكريت كما بعث ببرقية باسم نادي البعث العربي حيث كان البزاز رئيسا للنادي انذاك إلى جمال عبد الناصر للتهنئة مع حوالي ثلثمائة دينار كان قد تبرع بها اعضاء النادي استجابة لطبه العون من الاقطار العربية والاقطار المحبة للسلام كلها وكان النظام انذاك قد عطل مجلة النادي بعد ان ضاق ذرعا بنقدها ودعوتها القومية وظهر البزاز مرة اخرى على المسرح السياسي عام 9 5 9 1 عندما جىء به شاهدا امام محكمة المهداوي المشهورة والحوار الساخن الذي دار بين المدعي العام العسكري وبين البزاز ابدى شجاعة فائقة لرد تطاول المدعي العسكري الذي استغل مركزه وموقعه في المحكمة الامر الذي حدا بالمرحوم البزاز ان طلب من المحكمة ان تحميه من تعديات وتجاوزات المدعي العسكري فكسب عطف الناس وعرى مصداقية المحكمة التي تحكم وتتحكم بمصائر المحالين اليها· لم يكن عبد الرحمن البزاز من رواد المقاهي بل كانت لبنان من البلدان المحببة اليه لغرض الكتابة والتأليف وكذلك بريطانيا لغرض العلاج· ولم تكن لديه هواية الاستماع إلى الاغاني أو المطربين· وكان من اقرب الاصدقاء اليه الدكتور علي الصافي وعبد الغني الدلي وسلمان الصفواني ونعمان العاني وحسن الدجيلي· وكان من اصدقاء الطفولة الدكتور احمد صميم الصفار وكان باستمرار يتفقد اقاربه ويسأل عنهم ويقدم المساعدة المالية للمحتاجين منهم·
يقول ابنه عامر شاهدت والدي يبكي مرتين الاولى عند وفاة احدى شقيقاتي والثانية عند انفصال سوريا عن مصر عام 1 6 9 1 ·
وكان البزاز محافظا في ملبسه فقد كان حريصا على ان يلبس ربطة العنق والروب فوق البيجاما طالما هو في الدار وكانت علاقاته مع اولاده واسرته قائمة على الانضباط اكثر منها إلى الصرامة·
حينما قام انقلاب 17 تموز/يوليو 8 6 9 1 كان البزاز في لندن للعلاج وعاد إلى بغداد ثم اعتقل عام 9 6 9 1 بتهمة التآمر والتجسس لحساب اسرائيل وخرج من السجن مشلولا وفاقدا للنطق بسبب جلطة في الدماغ وظل هكذا حتى انتقل إلى جوار ربه في 82حزيران/يونيو 3 7 9 1 اي قبل يومين من ما سمي بمؤامرة ناظم كزار مدير الامن العام الذي نفذ فيه الاعدام بعد ثلاثة ايام من وفاة البزاز الذي تعرض إلى تعذيب نفسي وجسدي على ايدي جلاوزة صدام حسين وناظم كزار الذين قلعوا له في ليلة واحدة اظافره العشرين من اجل ان يعترف لهم انه كان مواطئا مع الكويت للقيام بانقلاب ضد نظام حزب البعث الا ان البزاز كان يرفض ذلك لعدم وجود مثل هذه التهمة الا في مخيلة النظام· فقد طلبوا من البزاز ان يظهر على شاشة التلفزيون ليقول ان الكويتيين سلموه مبلغ ثلاثة ملايين ونصف مليون دينار لتمويل عملية الانقلاب المزعومة ونتيجة لاصرار البزاز على رفض ذلك كان يتعرض إلى المزيد من التعذيب فقد ربطوه واقفاعلى باب خشبية لمدة ثلاثة ايام دون ان يعطوه قطرة واحدة من الماء بل زيادة في التعذيب كانوا يفتحون حنفية الماء امامه كما وضعوه في زنزانة بمساحة متر مربع واحد ظل فيها واقفا لمدة ثلاثة ايام بعدها ثم وضعوه في زنزانة ورموه على ارضها المفروشة بالاسمنت المسلح دون اي فرش· كما تعرض ذات مرة إلى ضربة قوية على راسه وتعرض إلى صعقات بالتيار الكهربائي سببت له تخثراً في الدماغ التي ظل يعاني منها حتى وفاته ·واخيرا قدم إلى محكمة صورية وفي المحكمة دخل احد شهود الاثبات ضد البزاز واخبرهم انه كلفه بالاتصال بالكويتيين ضمن المؤامرة الانقلابية ·عندها شرح البزاز للمحكمة القصة الحقيقية لهذا الشخص الذي تبين فيما بعد انه احد عناصر اجهزة المخابرات العراقية الذي سبق له ان زار البزاز في بيته واخبره بان له قضية مع وزارة الدفاع الكويتية وطلب منه مساعدته بتزويده برسالة إلى وزير الداخلية انذاك الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح · الا ان البزاز اخبره انه لا علاقة له بالشيخ سعد لكن بالامكان مساعدته بتزويده برسالة إلى الدكتور محمد ناصر وزير الثقافة والاشاد في حكومة البزاز والذي كان مقيما في الكويت ويعمل استاذا في جامعتها · ورغم ذلك حكمت المحكمة على البزاز بالسجن لمدة 51 عاما بتهمة التجسس والتامر أكمل منها سنتين ونصف ثم اطلق سراح مشلولا وفرضت عليه الاقامة الجبرية في منزله وذلك بعد العديد من الوساطات التي بذلتها عدة شخصيا منها الزعيم الليبي معمر القذافي الذي زار بغداد لهذا الغرض ووعده الرئيس احمد حسن البكر قائلا اننا سنطلق سراحه بمجرد مغادرة طائرتك مطار بغداد الا ان ذلك لم يتم كما بذل الشخصية اللبنانية الوطنية كمال جنبلاط وساطة مماثلة لاطلاق سراحه كما توسط القادة السوفييت لاطلاق سراحه وكذلك بذلت المملكة العربية السعودية جهودا لاطلاق سراحه فتوجه إلى بغداد بطائرة خاصة الامير سلطان بن عبد العزيز كما بذل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جهودا مماثلة لاطلاق سراح البزاز لكن كانت كل تلك الجهود دون جدوى كما بذل عدد من المسؤولين والوزراء العراقيين جهودا وتوسطوا لدى الرئيس البكر لاطلاق سراح ومنهم الدكتور احمد عبد الستار الجواري وزير التربية والدكتور عوة مصطفى وزير الصحة والسفير حمد دلي الكربولي لكن دون جدوى بل بالعكس كان التعذيب يزداد بعد كل محاولة توسط·