ان مسرحية "مكبث" للكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير والتي ترجمها إلى العربية د. ازهر سليمان، تمثل في ظني الزخم الشكسبيري الثر؛ الكلمة والجملة هما الفكرة، والفكرة هى اللغة.
أنت هنا
قراءة كتاب مكبث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
مكفنا باحلك دخان السعير
ومن الامور الشيقة في لغة المسرحية هو حالة تداعي الصور الشعرية صدى للاحداث والتي تشارك بدورها في البناء الدرامـي للمسرحية. يناجي مكبث نفسه واصفا فعلته الشنعاء لقتل الملك:
ستهب الشفقة عليه كالطفل الرضيع
يمتطي صهوة الريح، او كملاك يمتطي
ريح السماء الخفيــة
سينثر تلك الفعلة الفظيعة في كل عين
يشحذ مكبث خيالنا بصور حسية للجريمة الشنعاء وكيف ستنتشر كصوت ابواق السماء. يتناول مكدف نفس المعنى البلاغي حين يقول:
في كل صباح جديد،
ينحن ثكالى اخريات، ويصرخ ايتام آخرون،
ويصفع وجه السماء احزان وليدة، فيدويّ صداها
كأنما السماء تحس بالآم اسكتلندا فتصرخ
منتحبة مثلها
وتتداعى نفس الصورة الشعرية عند روس حينما يحاول ابلاغ مكدف خبر فاجعة عائلة الاخير. فيقول:
لكن فـيّ كلمات
ينبغي لها ان تنطلق نحيبا في فضاء الصحارى
حيث لا يطالها سمع
قلما نجد بعدا مكانيا واسعا لمثل رجع اصداء الاعمال الشريرة كهذا البعد.
اما البعد الرمزي في المسرحية فأنه يلازم الحدث. فنجد الضوء، مثلاً، يمثل الحياة والفضيلة والشرف؛ اما الظلام فيمثل الشر. تتألق الملائكة بينما الساحرات يكتنفهن الغموض ويلفهن الظلام. تتميز هذه الرموز بالديناميكية والتطور لتولد معنى ايحائيا عاليا. حينما يمنح الملك دنكن ابنه شرف وراثة العرش، لاينسى الملك ان يكافئ الآخرين:
ان هذا الشرف لن
يكون حكرا عليه، فأوسمة النبل نجوم ستتلألأ
على صدر كل ذي حق.
ولا تكاد تمر لحظات على هذا القول حتى يهيم مكبث في مناجاته النجوم من ان العرش لامحالة حائل الى ابن الملك ولذا فملكولم هو الآن العقبة الكبرى في طريق طموحه للأسئثار بالعرش لنفسه.
ايتها النجوم اخف ضيائك
كيلا يُرى مايجول في اعماقي من مطامع سوداء.