ان مسرحية "مكبث" للكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير والتي ترجمها إلى العربية د. ازهر سليمان، تمثل في ظني الزخم الشكسبيري الثر؛ الكلمة والجملة هما الفكرة، والفكرة هى اللغة.
أنت هنا
قراءة كتاب مكبث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
لقد خطوت في الدم بعيدا,
حتى وان لم اخض فيه المزيد
فان العودة لا تقل مشقة من العبور الى الضفة الاخرى.
لكننا لا نرى هنا اي أشارة او تعبير يدل على ندم. يدرك مكبث انه قد تورط في الجريمة, وان هذا الادراك عجل بنهايته بأقتراف جرائما اخرى. ونرى مكبث ذاك الذي يؤمن بالقدر, يتحداه الان:
فتعال أيها القدر الى حلبة القتال
وناصرني حتى النهاية
ثم تزول كل الشكوك والوساوس من عقله ويدرك ان الساحرات ما هن الا وسائل شيطانية سخرن لخدمة الشر. وبرغم ان مكبث ينعتهن (بأسوا الوسائل), يقرر ان يزورهن:
سأذهب غدا مبكرا الى الساحرات:
سيخبرنني المزيد, لقد قررت الان
معرفة اسوأ الاشياء بممارسة اسوأ الوسائل.
يصف فيكتور هيجو مكبث على انه غضب غير واع مندفع صوب الشر. وبأتمام الخطوة الاولى يبدأ تدهوره القدري. انه يكبو ويثب من جريمة الى اخرى ادنى وأحط منها. ان انحداره هذا تجاه الهاوية قد سببه عاملان رئيسيان هما: ضعفه في مقاومة اغراء طموحه تجاه الجاه والقوة والحكم وعدم مقدرته على مقاومة تأثير زوجته عليه. ولانصاف مكبث يمكننا القول انه حاول احيانا مقاومة دعوات الشر, لكن مع كل انتصار لاغراء الطموح الشرير يضمحل جزء كبير من مقاومته وهكذا حتى انتهت تماما ليصير عبدا خضوعا للشر.
وكما اسلفنا سابقا فمكبث هو رجل ارتبط مصيره بالشر والظلام, ولقد سمعنا أراء الشخوص الذين حوله, وراينا اعماله وتصرفاته, كل هذا يثبت انه وغد بمعنى الكلمة: كيف اذن لنا ان نحس ببعض التعاطف والاعجاب تجاه مثل هذه الشخصية؟ ان الاجابة على مثل هذا السؤال تكمن في اعماق مكبث نفسه. فمن خلال مناجاته التي تنبع من اغوار قلبه نسمعه يتحدث عن طموحه, عن ضعفه, عن سوء تصرفاته, عن خداعه, وعن سم الشر الذي يسري في عروقه, كأنسان, فان مكبث ضعيف يجد في شروره شجاعة زائفة. كما نحس في حواره انتقالا مفاجئا وسريعا من لغة دبلوماسية منمقة وجوفاء الى لغة صاخبة,غاضبة, مملوءة بصيغ الاستفهام والتعجب والامر ولكنها تبقى لغة جوفاء ايضا. ويتعاظم تعاطفنا مع مكبث ايضا حينما يصور نفسه في نهاية المسرحية كالدب المربوط.بخشبة, تهاجمه الكلاب بعنف وضراوة لاحول له ولا قوة لكنه يثبت ولا يستسلم بل يقاتل قتالا عنيفا حتى الرمق الاخير.