أنت هنا

قراءة كتاب مسير نهر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مسير نهر

مسير نهر

تُخرج الكاتبة السويسرية آن كونيو في روايتها الضخمة "مسير نهر" الصادرة عن "نينوى"، الموسيقي الانكليزي فرنسيس تريجيان من ردهات النسيان، كي تعيد إليه اعتباره بوصفه جامع العوالم الموسيقية؛ النبيل المتألق الذي نجح في تجاوز مطب الكبرياء الانكليزية ليصل الى الاستن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
(1)
 
في الماضي البعيد كنت أغني
 
ألحاناً عذبة ورخيصة
 
بيد أني سأسكِت هذا النشيد
 
فثمة آخرون يصغون إليه
 
بيترو بيمبو/ مونتيفيردي
 
"الكتاب الثاني للقصائد الوجدانية"
 
هذا الصباح بالذات، فكرت بإنكلترا بصورة مختلفة.
 
في هذا الفصل يبزغ الفجر باكراً. ويكون الطقس جميلاً جداً. استيقظت جراء ضجيج غير اعتيادي في قن الدجاج. قد يكون ثعلباً؟ نزلت بسرعة تفوق سرعة قدماي. اجتزت الباحة. لم تكن الخادمة ومادلين دالينج قد استيقظتا بعد، في الموقد كان الجمر نقطة محمرة.
 
ليس ثمة ثعلب.
 
كنت على وشك العودة إلى النوم عندما نظرت إلى السماء. لونها أزرق شفاف لا نراه إلا ما ندر في هذه المناطق، مرقطة بغيوم متناثرة لبنية اللون مثل الغيوم التي تتشكل في بلدي عند انتهاء الليل على طول الشاطئ. وعندما يكون الطقس جميلاً. كانت الغيوم تختفي في النهار تبددها الحرارة أو تحملها الرياح.
 
كانت تفوح من الأرض رائحة الندى، وكان العندليب يغني، ومن وراء قمة جبل جورا، كان احمرار الصباح يعلن أن هذا النهار سيكون مشمساً.
 
وفي لحظة انتقلت بتفكيري إلى الريف، كما كانت الحال يوم كنت طفلاً، حول قصر فولفيدون الريفي. قد أكون شعرت لفترة وجيزة بعباب البحر، وسمعت طبطبة الأمواج.
 
أعادتني خطوات الخادمة جاكوت إلى اللحظة الحالية. دخلت إلى المطبخ وكانت منهمكة بالعمل حول النار. نزلت السيدة دالينج بدورها. عرضت عليها الذهاب لجلب الماء كما جرت العادة، إلا أنها رفضت كعادتها. لم أعد أفكر بـ فولفيدون، ولم يبق، ومن ثم، إلا الكآبة، كآبة فكهة وغامضة. لم أجد فيها – على وجه الخصوص- أي هاجس.
 
بعد صلاة السَّحر، باشرت أعمالي، وانشغلت بها كما يجري دوماً حتى موعد صلاة التبشير في وقت الظهيرة.
 
أعيش هنا منذ نحو ربع قرن، في هذا الوقت أذهب للتنزه حتى أصل إلى لاكروازيه، أضع في جيبي كسرة من الخبز وأحيانا كتاباً. أجلس على مقعد صنعته بنفسي تحت شجرة زيزفون كبيرة. بوسعي قضاء ساعات جالساً في هذا المكان، ولا أحرم نفسي من ذلك في هذا الفصل خاصة. وعندما أُسْأَل عما سأفعله في لاكروازيه، كثيراً ما أقول أنني ذاهب إلى هناك كي أصلي. في الواقع، يوجد صليب في الطريق يبعد قليلاً عن شجرة الزيزفون. لكن في الحقيقة يسعدني أن أترك أفكاري تسرح، وإذا حدث لي أن أتوجه إلى الله، فهذا كي أتحدث حديث رجل لرجل بتعابير تتصف بالصداقة. عندما يأتون باتجاه البحيرة، يفضلون ارتيادَ طريق الفلاحين المنحدِر، الأوسع والأسرع. ومن أجل العودة، يعد منحدر الطريق أمتع من الطرف الآخر، وهذا معروف. وعلى السائر الانعطاف باتجاه مورج، ولكن سيكون هذا الطريق شاقاً إذا كان الشخص يحمل ثقلاً. أرى من وقت لآخر مرور الخيالة والسيارات وأشخاص يمشون. يأتون من القرى الموجودة في ضواحي لوزان أو جينيف، يعودون إلى إيشالين، ويذهبون إلى إيفردون أو إلى بيرن- إلى بيرن نفسها. نادراً ما يسافرون باتجاه معاكس. تكون وجوههم غير معروفة أحياناً، ومألوفة غالباً.

الصفحات