أنت هنا

قراءة كتاب مسير نهر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مسير نهر

مسير نهر

تُخرج الكاتبة السويسرية آن كونيو في روايتها الضخمة "مسير نهر" الصادرة عن "نينوى"، الموسيقي الانكليزي فرنسيس تريجيان من ردهات النسيان، كي تعيد إليه اعتباره بوصفه جامع العوالم الموسيقية؛ النبيل المتألق الذي نجح في تجاوز مطب الكبرياء الانكليزية ليصل الى الاستن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
(2)
 
في موسم البازلاء
 
حين يعير رهط من الكلاب السمع (لأبواق الصيد)
 
حتى الإجهاز على الطريدة
 
مزامير الصبية القصبية
 
تلزم (تلك) الحيوانات الضارية المثول للأوامر
 
أغنية شعبية
 
تفسد الريح تسريحة شعري، والشمس تبهرني، أمضغ سنبلة منسية، الأمر الذي جعلني أفكر بأن الذكرى تقبع إبان الحصاد وما بعده، نهاية شهر آب أو بداية أيلول.
 
"تعال، يا فرانسيس، تعال!".
 
إنه صوت جين، مرضعتي. جين ذات الشعر الأصهب الخريفي والعيون الزرقاء كالبحيرات. تكلمني، وأسمعها، لكنني لا أرها.
 
"انهض أيها الكسول، تعال إلى هنا".
 
أتدحرج على سوق مقطوعة توخز ظهري وركبتي ويديّ. أقول لنفسي: أريد المسير. فراغ في ذاكرتي، ثمّ ترنحت بين الحقول المزروعة، والريح تداعب وجهي وتسحب تنورة جين، الواقفة، قالت لي بابتسامتها الفاتنة وذراعيها ممدودة: "رائع يا فرانسيس. تابع، لا تتوقف، تعال، تعال..".
 
أنا مندهش. إنني أمشي. أتقدم بوسائلي الخاصة. أتقدم خطوة، ثم خطوة أخرى، ولا أزال واقفاً.
 
"جهد أخير، يا صغيري، خطوة أخرى، خطوة أخرى...".
 
انتهى الأمر بي بين ذراعي جين كباخرة تدخل المرفأ. تفوح منها رائحة الخبز الخارج من الفرن ورائحة السماء والأرض الدافئة والحليب الذي ترضعني إياه.
 
تغمرني بالقبلات قائلةً: "أحسنت يا سيد فرانسيس، لعبت جيداً!"
 
في الأفق (في أفقي) ترتسم سطوح غولدن ميل في السماء، يطلق على المكان اسم طاحونة غولدن حيث لم يعد ثمة طاحونة منذ زمن بعيد. غولدن هو الاسم الذي يطلقه كل الناس على قصر فولفيدون الريفي- كل الناس باستثناء والدي. كانت والدتي وشقيقتي ماري تعيشان في هذا القصر الذي أعرفه. كان والدي في أغلب الأحيان في مكان آخر في لندن أو لانهرين، مكانين مجهولين لم يعنيا لي في تلك الفترة سوى أنهما "بعيدان".
 
أقول لنفسي إن ذكرياتي لم تعد قديمة باستثناء ذكرى حقل القمح.
 
ولدت، كما قيل لي، في السنة الخامسة عشرة من عهد الملكة إليزابيث. فإذا كان ذلك صحيحاً، فقد ولدت في الشتاء، وفي أسوأ الأحوال في الربيع، طالما أنه ينبغي كي أمشي، كما يبدو لي، أن يكون عمري على الأقل ثمانية عشر شهراً.
 
في عيد الميلاد تقريباً بدأت الكلام، وصار لديّ أخ جديد، يدعى أدريان. جاؤوا كي يصطحبوني لحضور حفل العماد. ذهبنا بأبهة إلى كنيسة بروبوس. لديّ أفكار غير واضحة عن هذا اليوم. كان والدي في لندن، ووالدتي هي التي تنظم الحفل والاستقبال مع عزف الموسيقى والرقص. تلقيت أول ضربة من سيدة طويلة تعيش في لانهيرن، لم أرها في حياتي قط ولا أعرفها، وضربة أخرى جعلتني أبكي أمام جدتي آن. كان هناك الكثير من الناس. ذهب الكبار إلى الطاولة في الصالة الفاخرة، وغادرنا نحن الصغار مع مرضعاتنا. كانت راحتي الكبرى عندما تمّ وضع أدريان لدى مرضعة أخرى غير مرضعتي.

الصفحات