تُخرج الكاتبة السويسرية آن كونيو في روايتها الضخمة "مسير نهر" الصادرة عن "نينوى"، الموسيقي الانكليزي فرنسيس تريجيان من ردهات النسيان، كي تعيد إليه اعتباره بوصفه جامع العوالم الموسيقية؛ النبيل المتألق الذي نجح في تجاوز مطب الكبرياء الانكليزية ليصل الى الاستن
أنت هنا
قراءة كتاب مسير نهر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
"يقال بأن اسم كورنويل مشتق من كورينوس الذي استلم بلدنا كمكافأة من بروتوس دو تروينوفانت (اسم لندن في ذلك الوقت)، لأنه دحر المارد غوغمارول بعد صراع مرير وجهاً لوجه على مرتفعات بليموث. آه، يا لها من مشاجرة! كان عليك رؤيتها"، يقول متعجباً وكأن الحدث يعود تاريخه إلى معرض العام المنصرم.
ينظر إليّ راضياً. أستفيد من ذلك كي أقحمه في أحد الموضوعات التي أفضلها.
"حدثني، يا توماس، عن كورموران".
"كورموران؟ هو الذي بنى جبل سان مايكل. ويطلق عليه آخرون من بيننا اسم جبل كاريغ -اوز- اين- كوز، ويعني ذلك باللغة السلتية "الحجر الأبيض في الغابة". يوجد، في منتصف الطريق، صخرة كبيرة بين القصر وأرض المزرعة، يطلق عليها اسم صخرة الكنيسة، ولكن لم يعد هناك ثمة كنيسة، فقد هدمتها المطرقة. وزوجة كورموران هي التي تركتها تسقط. أمر زوجها ببناء قصر من الحجارة البيضاء، إلا أن ذلك يتطلب الذهاب بعيداً للعثور عليها، فقالت لنفسها وقتذاك بأن الصخر الجيد المائل للخضرة المتوافر لدينا سيفي بالعرض. لكن كورموران لم يتفق مع رأيها، وعندما اكتشف حيلتها ركل زوجته ركلة قوية على مؤخرتها، إيه! إيه!... أصابتها الضربة فتعثرت وهوت. انقطع حزام صدريتها المصنوع من الجلد فسقطت الصخرة التي كانت تحملها".
"هل انتهى أمر كورمورون بالضرب؟ هل قُتل؟".
"نعم، يا سيد فرانسيس. ضربه جاك وقتله، إنه صبي يقظ مثلك. كان يعيش بالقرب من لاند اند. كان كورمورون في ذلك الوقت هائجاً. سرق ماشية الفلاحين، وعلق الأبقار في حزامه وحمل العجول السمينة على كتفيه، ثمّ عاد إلى قصره في جبل سان مايكل والتهم كل ما كان بحوذته. ومن أجل ذلك رصد الملك آرثر مكافأة لمن سيقتله. فكر جاك ملياً، وخطرت له فكرة. حفر حفرة كبيرة في أرض يابسة مقابل جبل سان مايكل. غطى الحفرة بالأغصان وعيدان القش. وبعد ذلك نفخ بالبوق، سارع المارد الذي لم يكن يطيق اقتراب أحد من قصره ليقتله، ولكن عندما كان مسرعاً لم ير الفخ وسقط فيه وعلق رأسه أولاً. انهال جاك على رأسه بضربة قوية بالفأس، وطمر الحفرة بسرعة كبيرة ظناً منه بأن المارد لا يزال حياً، أو قد يكون لديه القوة السحرية ليعود إلى الحياة".
"هل حاز على المكافأة؟".
"بالطبع، حاز على سيف رائع وحزام نُقش عليه بأحرف مُذهبة ما يلي:
ها هو الكيرنيفوتي الشجاع
الذي قتل المارد كورمورون.
منذ ذلك الحين والناس تتحدث عنه، وكانوا لا ينادونه إلا بجاك قاتل المارد. امتدت شهرة الصبي البسيط من لاند اند إلى ما وراء البحار".
كنت أصدق هذه القصص بسهولة. وحلمت بأن أصبح يوماً رجلاً بطولياً مثل جاك فرانسيس قاتل المردة، إنه لقب جميل للمجد.
***
تعلمت الأبجدية والحساب من دون أن ألحظ ذلك. استوعبت اللغة اللاتينية واليونانية التي كان يتحدثها كل من حولي، وكان من الطبيعي أن تستحوذ أساطير توماس السلتية على تفكيري.
عندما فُطمت، ما كان جديداً وطارئاً عليّ هو تلقي الضربات: كل شخص كان يظن أنه مسموح له أن يضربني، وكان أهلي يجهلون الأمر، أو لم يقولوا شيئاً على وجه الاحتمال. لكن ذات يوم أرادت إحدى الخادمات ركلي، اكتشفت أنني أملك وسيلة للتأنيب، بكل بساطة، نظرت إليها. عندما رجعت إلى الوراء كانت تهمس وهي ترسم إشارة الصليب: "عيون الشيطان".
لم تكن وحدها من يفكر بهذا الأمر، فلعل البعض يعتقد أني مرسلٌ من قبل بيلزيبوث أو كورمورون.
بالطبع، كان توماس العجوز يملك تفسير ذلك. كان يرى أن عيوني تشبه عيون جين فولفيدون كلياً.