أنت هنا

قراءة كتاب مسير نهر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مسير نهر

مسير نهر

تُخرج الكاتبة السويسرية آن كونيو في روايتها الضخمة "مسير نهر" الصادرة عن "نينوى"، الموسيقي الانكليزي فرنسيس تريجيان من ردهات النسيان، كي تعيد إليه اعتباره بوصفه جامع العوالم الموسيقية؛ النبيل المتألق الذي نجح في تجاوز مطب الكبرياء الانكليزية ليصل الى الاستن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
عندما شرعت بالكلام سألني: "من أين أتيت، تماماً؟"
 
"من... من البندقية".
 
"ما اسمك؟".
 
"بيرو ريكوردي".
 
لم يعلق. بالتأكيد، لكنه لاحظ أنني لم أقل الحقيقة، فأنا لم أكن يوماً كاذباً محترفاً.
 
" أنت كاثوليكياً أم بروتستانتياً؟".
 
ترددت في الإجابة. ماذا لو كان هذا المجهول متعصباً للديانة الأخرى؟ لكنه كان صريحاً ويملك عينين رماديتين هادئتين، كان حدسي يوحي لي أنه رجل متعقل.
 
قلت له: "كاثوليكي".
 
"حسناً، في هذه الحالة سأصطحبك إلى منزلي. أسكن في إيشالين، خارج البلدة على مسافة قصيرة. نحن كاثوليكيون أيضاً. في ريفنا، ليس الأمر كما هو عليه في جنيف. إن رغبت بالذهاب لحضور القداس والصلاة بهدوء لن يزعجك أحد. لا أقول أنه لا يوجد بيننا متعصبون. وإنما هناك متزمتون. منذ عامين أو ثلاثة، كادت تندلع حرب مفتوحة بين بيرن وفريبورغ، لكن بفضل الله هدأ الوضع. لا ندقق في الأمر. وأجد أنه من العبث أن نتقاتل من أجل الدين في حين أننا جميعاً مسيحيون أخيار، أتقياء ومؤمنون. لا معنى لهذه المشاجرات التي لا نهاية لها لمعرفة إن كانت طاولة العبادة من خشبٍ أم من حجارة، إن وضعناها هنا أو هناك... إن قس إيشالين الذي أثناء مراسم دفن أحد البروتستانتين سرد على مسامع العائلة المفجوعة أن كل من يمارس الدين الإصلاحي ستحل به اللعنة... والقس الذي يهرع للشكوى في بيرن لمجرد سماعه كلمة نعم أو لا... كل هؤلاء بمثابة أطفال دون فهم. ولو لم نكن كلنا نؤمن بإلهٍ واحد لكنت أفهم...".
 
نظر إليّ كما لو أنه أدرك فجأةً أنه من الأفضل عدم البوح ببنات أفكاره لمجهول، قد يكون جاسوساً. لكن، أنا لست بجاسوسٍ ولا هو بمتزمت.
 
قال لي أيضاً: "لو كنت بروتستانتياً، لكنت قد عهدت بك إلى أحد أقاربي وهو إصلاحي. نحن نتحدث من وقت لآخر حول الدين، لكننا لا نتشاجر. نتبادل الزيارات ونلتقي في الكنيسة...".
 
"كيف تنجحون في التخالط في الكنيسة؟".
 
"كما ترى، ففي القرى التابعة للأمراء في إيشالين، لا يوجد سوى كنيسة واحدة. يوم الأحد، يبدأ قداس (الكاثوليك) أولاً ثمّ يذهب البروتستانت بعد ذلك لسماع الموعظة (العظة)".
 
بدا لي لدى سماع هذا الصوت الواضح وهو يتحدث عن وجود كنيسة واحدة للكاثوليك والبروتستانت كما لو أن الأمر بدهي، وأنني قد وقعت بين أيادٍ أمينة. استرسلت ونمت نوماً عميقاً. إذ كنت أشعر بالأمان.
 
سافرنا لمدة طويلة قبل أن يطرح عليّ سؤالاً جديداً: "ما هي مهنتك؟".
 
"كنت رجل بلاط وتاجراً ومحارب. وأعزف الموسيقى أيضاً".
 
"أي نوعٍ من الموسيقى؟".
 
"أعزف على الأُرغُن والعُذراوية (1)". (الفرجينال)
 
لم أسمع عن الفرجينال من قبل

الصفحات