أنت هنا

قراءة كتاب الحركة العمالية في تونس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحركة العمالية في تونس

الحركة العمالية في تونس

كتاب "الحركة العمالية في تونسنشأتها ودورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي (1924-1956)"، تعد دراسة الحركة العمالية في أي قطر عربي من الدراسات المهمة في مجال التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لانه من خلالها، تتضح أبعاد الواقع الاقتصادي والاجتماعي ،وما يرتبط بذلك من

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 4
أولاً:الاحتلال الفرنسي لتونس
 
أخذت فرنسا بعد احتلال الجزائر عام 1830، تخطط وتعمل من أجل احتلال تونس لتأسيس (امبراطورية فرنسية) في المغرب العربي، وفي الوقت نفسه كانت تونس قد وصلت الى حالة من الضعف العام بسبب التدخلات الاجنبية واستيطان اعداد كبيرة من الجالية الاوربية (الفرنسية والايطاليةخاصة)، وسيطرتها على مرافق الدولة الاقتصادية والاجتماعية. وكانت فرنسا من أكثر الدول التي سبقت الى زيادة نفوذها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في تونس، اذ تنامت مصالحها الاقتصادية والثقافية بحصولها على العديد من الامتيازات(3).و رأت فرنسا في تونس ميداناً للتنفيس عن أزماتها الداخلية للبحث عن الاسواق والاستحواذ على الخيرات لتطمئن تطلعاتها الاستعمارية، فكانت بحاجة الى مستعمرات، كما كانت بحاجة الى قواعد بحرية لاسطولها يمكن أن تجدها في تونس(4).ولتحقيق غايتها كانت تنتهز الفرص للتدخل في شؤون تونس الداخلية، ووضع العراقيل في سبيل عدم قيام أية نهضة ناهيك عن استمرار منافستها للاطماع والتغلغل الايطالي في تونس(5).
 
ومنذ القرن التاسع عشر ازداد تسرب الجاليات الاجنبية الى تونس وشرع البايات في استقدام الخبراء الاجانب واعطائهم بعض الامتيازات للمشروعات الخدمية مثل توسيع ميناء تونس وانشاء سكك حديد واقامة خطوط تلغراف، مما حمل القناصل الفرنسيين على التدخل لحماية مصالحهم، والتأثير في البلاط للاستدانة وأخذ القروض من اوربا، وفرنسا خاصة، ونتيجة لذلك بدأ التدخل الفعلي في شؤون البلاد، لحماية مصالحها وامتيازاتها وأموالها(6).
 
أدت هذه الحالة بالدولة التونسية الى فرض ضرائب ثقيلة على الشعب ونتج عن هذا التصرف قيام ثورة بزعامة علي بن غذاهم سنة 1864(7).وأمام تحرج الحالة الداخلية وخاصة المالية وتحت الضغط الدولي، سلمت الدولة مصلحة الكمارك للاجانب مقابل مااقترضته من أموال، فـتـشكلت لجنة مالية دولية تحت رئاسة خير الدين باشا التونسي 1870(8)، وكانت الديون تبلغ (25) مليون فرنك، ثم أصبحت هذه اللجنة ميداناً للتنافس بين ايطاليا وفرنسا وبريطانيا، مما حدا بفرنسا الى محاولة وضع يدها على تونس.وكان المحفز لها مؤتمر برلين الذي انعقد في الثالث عشر من حزيران1878، وكان كالضوء الاخضر الذي أعطته الدول الاستعمارية وخاصة بريطانيا والمانيا، لفرنسا لاحتلال تونس(9). فتخلت بريطانيا عن أطماعها في تونس مقابل اعتراف فرنسا بسيطرتها على جزيرة قبرص، وقد صرح بذلك وزير خارجية بريطانيا اللورد سالسبوري لنظيره الفرنسي دانقتون بقوله: ((احتلوا تونس ان شئتم، فانكلترا لاتمانع في ذلك بل تحترم قراراتكم)).فيما كان الدعم الالماني لفرنسا عندما أيد المستشار الالماني بسمارك المقترح البريطاني(10) رامياً من وراء ذلك منح التعويضات لفرنسا بهدف صرف أنظارها عن فكرة الاخذ بالثأر لحرب السبعين(11). ومن جانب آخر فان ايطاليا ماكانت لتتخلى عن أطماعها في احتلال تونس، الا أنها لم تتلق دعماً فعلياً من أحد، اذ عارضت بريطانيا تدخل ايطاليا في تونس، لانها تمكنهم من مراقبة حوضي مضيق صقلية وتمكنهم في النهاية من قطع طريق الهند(درة التاج البريطاني) الذي أصبح يمر بالبحر المتوسط منذ فتح قناة السويس عام 1869(12)، وبالرغم من تأييد المانيا لفرنسا لاحتلال تونس الا أن الرأي العام الفرنسي وعدداً كبيراً من السياسيين الفرنسيين، عدو تأييد بسمارك للتدخل الفرنسي في الشؤون التونسية مناورة يقصد بها تعكير العلاقات الفرنسية وبالذات مع ايطاليا وعزل فرنسا على الصعيد الاوربي(13).الا أن فرنسا وافقت على مقررات مؤتمر برلين لان ذلك سيؤدي الى اعادة التوازن في البحر المتوسط، ويمكنها من الحصول على موارد جديدة وثروة وميدان لنشاطها الاستعماري في تونس تجدها في الراين الذي كان يدفعها صوب المانيا التي يتزايد عدد السكان فيها بسرعة(14)، كما أن ذلك يطمئن تطلعاتها الاستعمارية في المغرب العربي منذ احتلال الجزائر(15).

الصفحات