أنت هنا

قراءة كتاب الحركة العمالية في تونس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحركة العمالية في تونس

الحركة العمالية في تونس

كتاب "الحركة العمالية في تونسنشأتها ودورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي (1924-1956)"، تعد دراسة الحركة العمالية في أي قطر عربي من الدراسات المهمة في مجال التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لانه من خلالها، تتضح أبعاد الواقع الاقتصادي والاجتماعي ،وما يرتبط بذلك من

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 10
د:الاستيلاء على الاوقاف
 
تحقيقآ لاغراض فرنسا الاستعمارية، في احكام سيطرتها على تونس ونهب خيراتها، قامت بالاستيلاء على الاوقاف الخيرية، وحتى تخفف من وقع الصدمة على التونسيين الذين يعيشون من هذه الاوقاف، تجنبت مؤقتاً الاستيلاء على الاوقاف الاهلية، ولما كانت هذه الاوقاف غير قابلة للبيع، بحث الفرنسيون في الفقه الاسلامي عن حل يجيز للمستوطنين الاستيلاء على هذه الاراضي بالاساليب الملتوية، فتمسكوا برأي ضعيف في المذهب المالكي يبيح الاجارة المستديمة للاراضي الموقوفة، وبرأي آخر في المذهب الحنفي يبيح جواز استبدال العقار المؤقت الموقوف بأخر، اذا كان ذلك في مصلحة الواقف(80).وبهذا أصبح المستوطنون يمنحون ألف هكتار سنوياً من أراضي الاوقاف الشاسعة التي تغطي الاراضي المزروعة في شمال تونس وذلك نظير ايجار سنوي ضئيل، لكن المستوطنين لم يحترموا شروط الاستغلال، اذ قدموا اقتراحاً عام 1904بانتزاع الاوقاف الاهلية وكفواعن الايجار سنة 1905(81).
 
وقامت السلطات الفرنسية بالتوسع في تفسير الاملاك الاميرية، اذ كانت أملاك الدولة لاتتجاوز مئة ألف هكتار وسرعان ما أخذها المستعمرون الفرنسيون وأخذوا بالبحث عن مصادر جديدة، فصدرت مراسيم بضم المراعي والعيون الى الاملاك الاميرية مما أدى الى الاصطدام بالقبائل التي تنتفع بالمراعي في شمال تونس، وحتى تقطع على القبائل أية دعوة في ملكية هذه المراعي، صدر حكم من محكمة العقارات بأنه ليس للقبيلة شخصية معنوية يمكن أن تستند اليها في ادعاء الملكية(82).ثم ألحقت فرنسا قراراً آخر عام 1890 يقضي بضم جميع الغابات والاحراش الى أراضي الحكومةوأضافت اليه عام 1898 جميع أرضي الاوقاف التي تقدر مساحتها بـ4 ملايين هكتار، فاستولت على معظم الاراضي الزراعية وحولتها للمهاجرين الفرنسيين بأسعار زهيدة(83).
 
هـ: التعليمية والثقافية العامة
 
سيطرت فرنسا على التعليم الرسمي وأخضعته لنظمها، أما التعليم الخاص فقد ترك حراً، فكان ثمة مكان لـ134.000 طالب وطالبة في المدارس الرسمية حتى أصبح الطالب التونسي يتقن اللغة الفرنسية وأسرارها أكثر من العربية، حيث قضت فرنسا على المعاهد الاهلية التي كانت تخرج علماءاللغة والشريعة وأبقت الشيء القليل منها، في محاولة لجعل تونس خاضعة للثقافة الفرانكفونية(84)، وقامت فرنسا بمحاربة كل المؤسسات الدينية لدى الشعب التونسي وعملت على القضاء على اللغة العربية وشيدت مدارس ومعاهد فرنسية باعتبار أن مساحة تونس صغيرة فتمكنت من بسط نفوذها بسرعة على جميع الاراضي(85).
 
واتجهت سياسة فرنسا التعليمية منذ فرض الحماية الى محو الروح الوطنية، وذلك بمحاربة اللغة العربية والاستعاضة عنها باللغة الفرنسية، وبتطبيق برامج خاصة لاخراج الجيل الناشئ عن قوميته العربية الاسلامية وقطع الصلة بينه وبين ماضيه وتاريخه لتتمكن من دمجه في الثـقافة الفرنسية(86)، فأسس الفرنسيون عام 1883 ادارة العلوم والمعارف ووضعوا برنامجآ لانشاء المدارس الابتدائية الفرنسية للاوربيين والعرب على غرار المدارس الموجودة في فرنسا نفسها(87)، اذ كانت فكرة مدير العلوم والمعارف وهو موظف فرنسي أن ينشئ شبكة من المدارس في كل المدن يؤمها الاطفال سواء كانوا تونسيين أم جاليات أجنبية لينشئهم نشأة فرنسية.فلم يكن هناك نصيب للغة العربية في برامج الادارة الفرنسية، لكن سمح بتدريس اللغة العربية في مدارس خاصة وجعلت هذه المادة اختيارية، وقد أدرك الشعب التونسي خطر هذه السياسة ولم يكف منذ البداية عن المطالبة بتعليم وطني أساسه العربية، وكان لجامعة الزيتونة وغيرها من المؤسسات الثـقافية والدينية الصغرى من الكتاتيب والزوايا التي تشتمل على كثير من التلاميذ الذين يتلقون الثقافة العربية على الطريقة القديمة الدور الكبير في الدفاع عن اللغة العربية وثقافتها(88). ان التونسيين من المثقفين وعلماء الدين لم يرضهم هذا الحال، فعملوا على انشاء المدارس الخاصة فوضعت العراقيل أمامها حتى لم يتعد عدد مدارسهم عام1930 12 مدرسة لكن ازداد هذا العدد في عام 1936الى 46 مدرسة وأنشئت على غرارها مدارس صناعية.أما التعليم العالي فاقتصر على جامع الزيتونة فهو ابتدائية وثانوية وعالية ولا يهتم الا بالتعليم الديني، ومصاريفه من الاوقاف وعدد طلابه عشرة الاف طالب، ولذا بلغ عدد التونسيين الذين وصلوا سن التعليم في سنة 1946الى700.000 طالب لم يدخل المدارس منهم سوى 74.557 طالباً أي أن نسبة من يتلقى التعليم لاتزيد عن 10% في حين كانت المدرسالفرنسية متاحة للفرنسيين حتى في أصغر القرى، وقد وصلت نسبة من يتلقى التعليم من أبنائهم الى 85%(89).
 
كان جامع الزيتونة منهل العلوم والمعارف ومعقل العربية وحامل أمجاد الاسلام فقد غرس في نفوس طلابه الروح الادبية فاصطبغ خريجوه بصبغة الولاء لمجد العروبة والاسلام، ومن هنا كانوا هم رواد وطلائع القوى الوطنية لشق طريق الجهاد ضد المستعمر الفرنسي فيما بعد.
 
كان جامع الزيتونة ممثلاً بعلمائه وأبنائه وخريجيه في الصف الامامي على خط المواجهة مع المستعمر، اذ أجج شعلة الجهاد ضد الفرنسيين فور احتلالهم تونس.وهنا لايجب نسيان دور البشير صفر(90) في مقاومة الاستعمار وثقافته، فقد دعا الى بعث الجمعية الخلدونية وانشاء المدرسة الخلدونية والمدرسة الصادقية لنشر العلوم الحديثة(91)، فكانت مقصداً لطلاب العلوم العصرية من كيمياء ورياضيات وجغرافية ولغات، وكانت الغاية من بعث هذا المعهد العلمي لتتكامل معارفه العصرية مع التعليم الزيتوني من أجل تحقيق نهضة حقيقية للبلاد التونسية. وقد تدخل الفرنسيون في تعليم جامعة الزيتونة اذ الزموا الطلبة بتعلم اللغة الفرنسية ولا شهادة بدون امتحان ونجاح في لغتهم(92).

الصفحات