هذه مقالات كتبتها في سلسلة ما أكتبه من مقالات في جريدة الدستور الأردنية منذ عام 1999م،وألقيت في برنامج: طريق النور في إذاعة القرآن الكريم التابعة لإذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، وقد رأيت أن أطبعها في كتاب لعلها تصل إلى من
أنت هنا
قراءة كتاب في ظلال رسائل النور
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
الدرس الثالث: الصبر والاحتساب، وحياة الأستاذ النورسي رحمه الله كلها بعد رفضه المساومة على دينه ورفض المناصب التي عرضت عليه، حياته كلها نموذج للصبر، وحين نقرأ الأخبار عن حياته، وأكله وشربه وعلاقته بالدنيا نجد أنه كان من الزاهدين الصابرين على القليل من متاع الدنيا رغبة في ما عند الله تعالى من الأجر، ونجده يصبر على النفي والسجن والإقامة الجبرية والمحاكمات الظالمة، يصبر وهو يحس بالظلم، ولكنه يستشعر النعمة في المحن، ويسمي السجن: المدرسة اليوسفية، وفي هذه التسمية مجموعة دلالات وإشارات، فيوسف مظلوم وهو مظلوم، ويوسف جاءه الفرج بعد المحنة وكذلك كان من شأنه، ويوسف أعلى الله تعالى ذكره على الرغم من التشويه الذي تعرض له بسبب امرأة العزيز، وكذلك كان مع الأستاذ النورسي رحمه الله الذي أعلى الله ذكره، وسخر له من التلاميذ من يحوّل الرسائل التي يكتبها في منفاه وسجنه إلى شلالات نور تطارد الظلام في كل مكان، ولئن عاش الأستاذ النورسي رحمه الله حياة صعبة، ولم تكن له زوجة ولا ولد فقد يسر الله تعالى له من أبناء النور من يدعو له أكثر مما يدعو ولد لوالده بعد موته.
الدرس الرابع: التفكر والتدبر في آيات القرآن وآيات الكون، وقد سلك الأستاذ النورسي رحمه الله في رسائل النور مسلكا فريدا فهي من جانب تفسير للقرآن الكريم، ومن جانب آخر نجد فيها الحديث عن كل شيء بلغة العصر، ومعالجة لمشكلات المسلمين في هذا الزمان، مع تدبر لا نظير له في آيات الله المنظورة، فهو يحملك على أجنحة التفكر إلى أفاق الكون لتحلق معه في آيات الله العلوية إلى المجرات بل إلى أعماق عالم الغيب كأنك تراه، ويحملك على أجنحة التدبر إلى أعماق الذرات لتنظر بديع صنع الخالق وتجليات أسمائه الحسنى، وأنت مع الأستاذ النورسي رحمه الله في رحلة دائمة دائبة مع آيات الله المسطورة القرآن الكريم ومع آياته المنظورة في الكون تجعلك ترى تجليات الأسماء الحسنى في رحلة تفكر وتدبر لا تنتهي، تشعرك بالجلال والجمال والحكمة والقدرة المبدعة.
الدرس الخامس: الثبات على الحق، وحياة الأستاذ النورسي رحمه الله كلها دروس في الثبات على الحق ومعاندة الباطل ومقاومته مقاومة أولي العزم من الرجال، وقد وهبه الله تعالى في هذا المجال جلدا يندر أن تجده عند العاملين للإسلام، فلا مساومة ولا مهادنة، ولو كان الثمن السجن والنفي والإقامة الجبرية ومحاولة الاغتيال بالسم أو التقديم إلى مشنقة الإعدام، فالحق عنده فوق كل شيء، وفيه للدعاة نموذج قل من يرتقي إليه، فكثيرا ما نجد من الدعاة من يبحث عن التقية في مواجهة العنف الرهيب لأهل الباطل، ولهم في ذلك سند من الكتاب العزيز والسيرة النبوية، لكنه لم يأخذ بالرخص وأخذ بالعزيمة وضرب للدعاة في هذا العصر المثل في ذلك ليمضوا في طريق الحق مستأنسين بمن سبقهم عليه .