أنت هنا

قراءة كتاب الأمهات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأمهات

الأمهات

في رواية "الأمهات"، "هل الرواية التاريخية مجرد قصة خيالية؟". بهذا السؤال على لسان ألكسندر سولجنتسين يقدم الكاتب السلوفاكي بافول رانكوف لروايته"الأمهات"الصادرة في ترجمة غياث الموصللي عن دار الحوار للنشر والتوزيع.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
 الثغرة في السياج موجودة منذ سنوات، هر أوفيسر (أيهاالسيدالضابط)، ولم أجد الوقت المناسب لإصلاحها. إنك بلا شك تعرف ما يحدث حين تكون المرأة وحيدة، ولا يوجد رجل يساعدها. حياة كلاب، يا حضرة الضابط: كانت تُحضر ما ستقوله للألمان.
حين رمت بضع رفشات من ثلج الحديقة فوق آثار القدمين الموجودة خلف السور، لفت نظرها شيئ شاحب على طرف التلة.
ـ يا إلهي! همست: أرجو أن يكون مجرد رؤيا.
برز من الثلج على بعد خطوات منها شيئ أزرق اللون.
انتصب البيت الريفي على طرف القرية. من الممكن ألا يكون أحد غيرها إضافة إلى الجنود الألمان، يعرف شيئاً عن وجود الجسد الميت فوق الثلج حتى ذلك الوقت، لأن رؤية سفح التلة غير ممكنة من البيوت الأخرى، كما أن الخروج لجلب الحطب من الغابة كان محظوراً في تلك الأيام. حدثت المرأة نفسها: إذا لم ينقله الألمان حتى ظهيرة اليوم، سأطلب العون من الكاهن. أمور الدفن إحدى مهماته.
لن تخبر ابنتها بشيء. منعتها من الخروج وأكدت على ذلك، كما قررت منع كل من يريد إلقاء نظرة على الميت من المرور أمام نافذتها. ستحمي ابنتها التي لا تزال صبية. ستنسى مع مرور الوقت. لقد نامت مع أحدهم، وهذا ما فعلته الأخريات. ستنتهي الحرب في أقرب وقت وستقع عيناها على وجه جديد. ستجد الإنسان الذي يسامحها. كل شيء سيبقى مدفوناً في السر تحت الثلج ويصبح في حكم الذكريات.
ألقت المرأة نظرة أخرى على طرف التلة، ولكن صوت هدير رعد بعيد شد انتباهها الآن. عاصفة في كانون الأول؟ بدا لها أمراً مستغرباً. وحين أرعدت من جديد، تذكرت فجأة ما قالته النسوة في اليوم السابق عن ذلك الصوت في الكنيسة أثناء القداس. إنها أصوات المدافع. اقتربت الجبهة. رسمت المرأة الصليب.
كانت الشمس لا تزال ضعيفة حتى إن المرأة لم تتمكن حتى الظهيرة من تجفيف الأرض التي داهمها المطر أثناء الليل. ركعت "سوزانا" ممسكة بيديها كتاباً مفتوحاً فوق العشب الرطب بالرغم من أنها تحفظ الصلاة على زوجها الميت عن ظهر قلب. ركزت نظرات عينيها المبقعتين باللون الأحمر بسبب الدموع السخية على كومة كبيرة من التراب الطري الذي كان يعلو قليلاً فوق الأرض.

الصفحات