لقد شكلت قضايا ومفاهيم خاصة، مثل: التقليد / الحداثة، العلم / الجهل، السلم / الحرب، الحرية/ العبودية، الديمقراطية/ الاستبداد، الشرق/الغرب، التسامح / التعصب، النهضة / الانحطاط، الدين / العلمانية، التنمية / التخلف، وغير ذلك من الثنائيات المستمدة من عمق المجتمع
أنت هنا
قراءة كتاب اللغة والفكر - دراسات نقدية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
وقد وقفت في دراستي لهذه المشاريع الأربعة على المنهج الذي استند إليه، والخلفيات التي انطلق منها كل مؤلف والأدوات التي استعملها في بلوغ هدفه، فاتضح لي أنها وإن كانت تتفاوت في مستوى التحليل بين الدقة والعمق حيناً والبساطة التي تصل إلى حد الانطباع والدعوة في بعض الحالات، إلى المزج بين الذاتي والموضوعي في أحيان أخرى؛ إلا أنها تشترك جميعاً في السعي الجاد لإعادة قراءة الواقع العربي الإسلامي قراءة (جديدة) وفق ما استجد من جهة من أحداث وتحولات كبرى، همت السياسة والاقتصاد والمجتمع واللغة ، ومن جهة أخرى إعادة تقييم ما سبق من مشاريع، وتصورات إصلاحية أو نهضوية أو تنموية، انطلاقاً من مناهج حديثة ومفاهيم معاصرة فرضت وجودها في سياق لغوي، نقدي، فكري ، حضاري ، عربي، إسلامي متصل بما هو عالمي، انعكست آثاره جلية في مستوى المواقع والمواقف التي حملتها النخب المثقفة والفئة العالمة، التي وجهت اهتمامها نحو إعادة النظر في الخلفيات والمرجعيات، والأدوات المنهجية والمفاهيم المعرفية التي كانت تستند إليها، وتبني عليها مواقفها، سواء تعلق الأمر باللغة وأبعادها، أو الأفكار ودلالاتها، أو الرؤى ومقاصدها، أو الفلسفات وخلفياتها وأهدافها.
غير أن وقوفنا على هذه الجوانب في شقها الاجتماعي والسياسي والفكري، لم يلغ الوقوف أيضاً على مستويات أخرى من النظر والتحليل، خاصة تلك التي اهتمت بالمستوى اللغوي، والنقدي، سواء من منطلقات وأدوات لسانية، حجاجية أم من منطلقات تأريخية (أناسية)، ثقافية، باعتبارها مستويات متكاملة، وإن بدت متنوعة في مظاهرها، أو في بنياتها السطحية، مادامت في عمقها تنحو باتجاه التعبير عن مواقف فكرية، وتصورات فلسفية لما يجري في الواقع من أحداث وتحولات، وسواء كانت تتدثر بمظهر (إسلامي) أم (حداثي) أم (ليبرالي) أم (اشتراكي) أم (وجودي) أم (تقليدي) أم (مادي)، وسواء انطلقت من نظريات تواصلية أم حوارية، إقناعية، حجاجية، أم من منطلقات تفسيرية، تأويلية، أم نقدية، وسواء استندت إلى تحليل بنيوي أم أيديولوجي، أخلاقي روحي أم علمي وعقلي، فإن اللغة بكل أبعادها تظل حاضرة، موجهة لمنطلقات وأدوات ومفاهيم هذه المشاريع العلمية، كما أن البعد النقدي بكل مصطلحاته وخلفياته سواء المتآلفة أم المختلفة، يظل قائماً، رغم تباين المناهج واختلاف الرؤى الحاملة لهذه المشاريع، التي اصطلح على بعضها بالمشاريع النهضوية أو الإصلاحية أو التنموية، مادامت كلها تبحث في أسباب تخلف الأمة ووسائل نهضتها وتنميتها والمعبرة عنها بالداء والدواء كما في مشروع د. أحمد العمراني، أو في التواصل الفعـال القائـم عـلى الحجاج والإقنـاع كما في مشروع د. أبو بكر القراوي، أو في إعادة صناعة التاريخ وفهم أبعاده لاستشراف بديل عنه كما في مشروع د. ادريس نقوري أو في التخلص من الهيمنة الغربية القائمة على القوة والسيطرة وتنمية التخلف في المجتمعات العربية والإسلامية في مجال السياسة والاقتصاد والفكر كما في مشروع د. محسن بن زاكور.