لقد شكلت قضايا ومفاهيم خاصة، مثل: التقليد / الحداثة، العلم / الجهل، السلم / الحرب، الحرية/ العبودية، الديمقراطية/ الاستبداد، الشرق/الغرب، التسامح / التعصب، النهضة / الانحطاط، الدين / العلمانية، التنمية / التخلف، وغير ذلك من الثنائيات المستمدة من عمق المجتمع
أنت هنا
قراءة كتاب اللغة والفكر - دراسات نقدية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
2- خلفيات المنهج ومقاصد النظرية
نجد في هذا التوجه توضيحاً دقيقاً للمنهج المتبع، والخلفيات النظرية والمقاصد المرجوة، حيث إنه رسم في مقدماته المركزة معالم العمل الكبرى، وخلفياته العميقة، وأهدافه العامة والخاصة، مبرزا أن مشروعه يهدف إلى دراسة العناصر الحجاجية في اللغة العربية وخطابات أخرى متنوعة.
ثم إن الباحث كشف أيضاً المنطلق الرئيس الذي اعتمده في هذا المنحى اللساني القائل بأننا من جهة نتكلم عامة قصد التأثير، ومن جهة أخرى- وهذا هو الأساسي والجديد الذي غيب في العديد من الدراسات اللسانية - هو أن وظيفة التأثير والإقناع قائمتان في اللغة ذاتها، وليس خارجها، إذ اللغة "تحمل بصفة ذاتية وجوهرية وظيفة حجاجية، أي أن هذه الوظيفية مؤشر لها في بنية الأقوال نفسها، وفي المعنى وكل الظواهر الصوتية والصرفية والمعجمية والتركيبية والدلالية. وتنتمي دراسة الحجاج إلى البحوث التي تسعى إلى اكتشاف منطق اللغة، أي القواعد الداخلية للخطاب، والمتحكمة في تسلسل الأقوال وتتابعها بشكلٍ متنام وتدريجي، وبعبارة أخرى فإن الحجاج يتمثل في إنجاز تسلسلات استنتاجية داخل الخطاب"(3).
وإذا كانت مقاصد المؤلف محددة في إبراز منطق اللغة، والبنيات التي تحكم الخطاب في العديد من الإنجازات، فإنها لم تخف أنها تود استثمار النتائج التي انتهى إليها العالم اللساني أزفالد ديكرو في العديد من أعماله المتميزة(4).
إن اختيار نظرية الحجاج إطاراً نظرياً، نابع لدى الباحث من أسباب علمية موضوعية وتراكم خبرات وقراءات صبورة ومتأنية لنتاجات علمية، لسانية ومنطقية أساساً، يمكن إجمالها في الآتي "أولاً: كون نظرية الحجاج نظرية دلالية حديثة، تقدم تصوراً حديثاً للمعنى، وتطرح تفسيرات جديدة وجريئة للعديد من الظواهر اللغوية.
ثانياً: نجاح النظرية الحجاجية في تجاوز العديد من العوائق المتصلة بتفسير المعنى، بخاصة النظريات الوصفية والمنطقية المرتبطة بمفهوم الصدق.
ثالثاً: كون النظرية الحجاجية تعود في منابعها إلى أصول لسانية حديثة، لا تعلي من شأن الوظيفة التواصلية- الإخبارية للغة، واعتبارها الوظيفة الأساسية والوحيدة، بل لأن لها وظائف تتجاوز التواصل والإخبار إلى التأثير والإقناع، الشيء الذي يجعل الوظيفة الإخبارية تتوارى قياساً للوظائف الأخرى التي أكدت عليها النظرية الحجاجية.