أنت هنا

قراءة كتاب الثورة لعبة العقائد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الثورة لعبة العقائد

الثورة لعبة العقائد

على الإنسان أن يفهم أعجوبة الأشياء ليصبح كل شيء مفهوماً. إنهم يقولون إن الفلسفة تبدأ بالعجب، ربما! لكن الفلسفة تحاول دائماً أن تدمّر العجب، تريد الفلسفة أن تقتل أمها لأن كل جهودها تنصبُّ على توضيح الغموض المحيط بالوجود.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

لهذا دعوته بالقفزة الكمومية، فهو لا يسير خطوة خطوة ولا يتحرك عبر النقاشات، هو ليس قياسات منطقية بل عبارة عن أغنية. إنه ينفجر صاعداً من كينونتك، إن سمحت له، فهو غامض لا يمكن تفسيره لأن التفسيرات تأتي من الماضي ويبقى هو غير مفسَّر. لكن ذلك هو جماله وغموضه وروعته ورهبته، إنها تجربة الكشف التي يمكنك أن تملكها، لكن لن يكون باستطاعتك أن تجعل منها نظرية.
في اللحظة التي تشكّلُ فيها نظرية تكون قد حولتَ الحياة إلى موت وأنزلتَ مستوى الحياة إلى موت.
في اللحظة التي تحاول فيها تحليل أمر ما ـ والتحليل يعني التفسير والتشريح ـ فإنك تدمّر وحدته العضوية. فعندما ترى زهرة، تكون الزهرة موجودة بكامل جمالها وبدون تفسير، لأنها غير قابلة للتفسير. وهي موجودة لتكون محبوبة وليتم الاحتفال بها، بإمكانك الجلوس معها بصمت أو الرقص حولها بحيث يتشكّل لديك فرحة وتبصّر عظيمان. لكن عقلك يحتاج للتوضيح فيتساءل: "ما معنى تلك الزهرة؟" ليس هناك من معنى، إنها تتجاوز المعنى. أنت تريد تفسيراً لسبب وجودها والهدف منه، وبهذا تُفقِدها حقيقتها. أنت تنغمس بذلك العقل القادم من الماضي، وربما تقارنها بالأزهار الأخرى التي عرفتها وربما تحللها أو تدخل حقيقتها من خلال المنطق، وعندها تكون قد فهمتها، تكون قد فهمت كيميائيتها وليس شاعريتها. عندما تكوّن بعض التفسيرات عنها تكون قد اختفت ولم يعد هناك من زهرة، لديك بعض الكيمياء بين يديك لكنها ليست زهرة، ربما أصبح لديك مكوناتها وليس وحدتها العضوية، فالزهرة ليست مجموع أجزائها، أنها أكثر من مجموع أجزاء.
هذا ما قصدته بشاعريتها. عندما يكون شيء ما أكثر من مجموع أجزائه فإنه يصبح شعراً. ليس باستطاعتك أن تدنّي الكليّ إلى مستوى أجزائه، لأن في الكلّ شيئاً لا يمكن للأجزاء أن تحتويه، يحتوي هذا الكلّ على الوحدة العضوية فليس باستطاعتك استيعابه وليس باستطاعتك إمساكه بيدك، ليس باستطاعتك أن تحوله إلى نظرية وليس باستطاعتك أن تكتب مقالة علمية عنه فهو يتجاوز الاستيعاب، إنه مراوغ كلما لاحقته أكثر فقدته أكثر. عليك أن تستمتع به لتعرف حقيقته، عليك أن تحبّه لتعرف حقيقته.
الحبّ لا يقدم أية تفسيرات بل يقدم التبصّر والحسّ العظيمين، يقدم رؤية رائعة من دون تفسيرات وليس بإمكانك أن تخلق منه مبدأ أو عقيدة دينية.

الصفحات