هذا دليل موجز ، إلى أبرز مراجع ترجم العلماء ، والأدباء ، والمصنفين في كل فن فنون التراث العربي ، على اختلاف مناهج هذه المراجع ، مع ذكر شيء من كتب الضبط والتقييد ، وكتب البلدان (الجغرافيا) ، ومراجع الكتب والمصنفات (المراجع الببليوجرافية) التي تعين على رصد حر
أنت هنا
قراءة كتاب الموجز
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وسيد المرسلين. اللهم وصلى وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحابته أجمعين ، ومن دعا بدعوته، واهتدى بهديه إلى يوم الدين .
وبعد :
فهذا دليل موجز ، إلى أبرز مراجع ترجم العلماء ، والأدباء ، والمصنفين في كل فن فنون التراث العربي ، على اختلاف مناهج هذه المراجع ، مع ذكر شيء من كتب الضبط والتقييد ، وكتب البلدان (الجغرافيا) ، ومراجع الكتب والمصنفات (المراجع الببليوجرافية) التي تعين على رصد حركة التأليف العربي ، ومعرفة ساره عبر القرون والأزمان ، وكتب تعريفات العلوم ومصطلحاتها .
وقد وضعت هذا الدليل الموجز لطلبة الدراسات العليا ، الذين يؤودهم جمع مادتهم التاريخية ، والتهدى إلى توثق الكتب والمصنفات ، من مصادرها ومظانها .
ولقد كنت أسأل بين الحين والحين عن شيء من ذلك ، فأجيب بما يفتح الله به علي ، ومع كثرة السؤال كنت أجد أسى ، وأحس ألماً لما تردى فه طلبة العلم ، من جهل بتاريخ أمتهم، وعلومها وآدابها ومعارفها ، وتبوءُ بإثمه مناهج الدراسة في جامعاتنا العربية ، التي لا تكاد تعنى بإبراز هذا الجانب وتجليته ، إلى أسباب أخرى من القهر والمسخ والتشويه ، وتفريغ العقول التي يتعرض لها أبناؤنا فيما يقرأون وفيما يسمعون .
نعم ، لقد تعرض أبناء هذا الجيل لسيل طاغ وموجات متلاحقة ، من التشكيك في ثراتهم وأيامهم : فالشعر الجاهلي غموض وانتحال ، وتفسير القرآن مشحون بالإسرائيليات ، والحديث ملئ بالوضع والضعف ، والنحو تعقيد وتأويلات ، والصرف فروض ومتاهات ، والبلاغة تكلف وأصباغ ، والعروض قيود ودوائر تدير الرأس ، والتاريخ صنع للحكام والملوك ، ولم يرصد نبض الشعوب وأشواقها .
ومن وراء ذلك كله ، فاللغة العربية عاجزة عن مسايرة ركب الحضارة ؛ لقصورها عن التعبير عن العلوم التطبيقية والكونية ؛ لأنها لغة شعر وبيان .
يسمع أبناؤنا هذا كله عالياً مدويا ، وتتجاوب أصداؤه المترنحة من أحلاس المقاهى ، إلى قاعات الدرس الجامعي ، ولا يستطيع الشباب لذلك دفعاً ولا رداً ؛ لغرارتهم وجهلهم وقلة حيلتهم ؛ ولأن كل هذه السموم إنما تساق في ثياب مزركشة ، من المنهجية والموضوعية ، والتفكير العلمي ، وحركة التاريخ ، والموقف الحضاري ، والشمولية . ولا يعرف أثر هذه الألفاظ الغامضة المبهمة إلا من ابتلى بشرها ، وصلى جمرتها ، ووجد مسها ، وكل ذلك عرفت ، إذا كنت في طراءة الصبا وأوائل الشباب ، تستهويني هذا الأضاليل ، وتتلعب كتلعب الأفعال بالأسماء ، على ما قال أبو تمام ، وأحسب أن كثيراً من أبناء جيلي قد وقعوا في هذا المهوى السحيق .
وكان أكثر هذه الأصوات دويا ، وأشدها فتكا ، تلك التي انبعثت من داخل درس الأدب في جامعاتنا العربية . فمن خلال الثرثرة حول نظريات غربية في الأدب ، وتطويع الأدب العربي ، وإخضاعه لها ، وتطاير شرر كثيرة ، حاول أن يأتي على تراث عربي عريق للكلمة العربية؛ شعراً منظوماً حمل أنغاماً جليلة ، وكلاماً منثوراً أبان عن أدق أسرار النفس وخلجات الروح .
ثم كان أن غرق طلبة العلم في قضايا فارغة ، بدءاً من الوحدة الموضوعية والمعاناة ، والتجربة الشعرية ، وتراسلا الحواس ، والمونولوج الداخلي ، والدفقة الشعورية ، والتعبير بالصورة ، والألفاظ الموحية ، والشعر المهموس ، وأدب الفرض والعبث ، وانتهاءً بالحداثة والمعاصرة ، التي تشغل بالهم هذه الأيام .