أنت هنا

قراءة كتاب التعليق المنقول في كلام شيخ الإسلام عن أئمة الأصول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التعليق المنقول في كلام شيخ الإسلام عن أئمة الأصول

التعليق المنقول في كلام شيخ الإسلام عن أئمة الأصول

كتاب "التعليق المنقول في كلام شيخ الإسلام عن أئمة الأصول"، هذه تعليقات جليلة، وحاشية ذات قدر وفضيلة، جمعتها من كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني _ وهو أحمد بن حنبل الثاني _ على مختصر في الأصول معتمد، وهو «منهاج الوصول» للقاضي البيضاوي، وهو كتاب ذو شروح

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

(3) المقصود من الحد هو التمييز لا التصوير

قال البيضاوي: «ويرسم الواجب بأنه الذي يذم شرعاً تاركه...».
أقول: الذي جرى عليه متأخرو الأصوليين بعد أبي حامد الغزالي اعتماد المنطق اليوناني في علم أصول الفقه _ ونحوه _.
ومقصدنا _ هنا _ التعريف، فإن المنطقيين يقولون: إن تعريف الشيء يكون بتصويره، وجعلوا المعرفات خمسة: الحد التام، والحد الناقص، والرسم التام، والرسم الناقص، وتبديل لفظ بأشهر منه.
وقد ذكر الإسنوي _ وغيره _ الأمثلة على ذلك، وهنا عرف المصنف الواجب بالرسم، وشيخ الإسلام، ومعه جمهور من الأئمة المحققين، يقولون: إن المقصود من الحد هو التمييز، وليس التصوير، فبأي شيء يتميز المحدود عنه، وبأي علامة تميزه عما سواه؛ فقد حصل مقصود التعريف.
وقد كتب _ رحمه الله _ في نقد المنطق اليوناني مصنفاً جليل القدر، وقرر فيه ما قدمته:
قال _ رحمه الله _ «الرد على المنطقيين» (14_15).: «وأما المقام الثاني _ المقام الإيجابي في الحدود والتصورات _، وهو أنه هل يمكن تصور الأشياء بالحدود؟
فيقال: المحققون من النظار يعلمون أن الحد فائدته التمييز بين المحدود وغيره؛ كالاسم، ليس فائدته تصوير المحدود وتعريف حقيقته، وإنما يدعي هذا أهل المنطق اليوناني، أتباع أرسطو، ومن سلك سبيلهم، وحذا حذوهم تقليداً لهم من الإسلاميين _ وغيرهم _، فأما جماهير أهل النظر والكلام من المسلمين _ وغيرهم _؛ فعلى خلاف هذا.
وإنما دخل هذا في كلام من تكلم في أصول الدين والفقه بعد أبي حامد في أواخر المئة الخامسة، وأوائل المئة السادسة؛ فإن أبا حامد وضع مقدمة منطقية في أول «المستصفى»، وزعم أن من لم يحط بها علماً؛ فلا ثقة له بشيء من علومه، وصنف في ذلك «محك النظر»، و«معيار العلم»، ودواماً اشتدت به ثقته، وأعجب من ذلك أنه وضع كتاباً سماه «القسطاس المستقيم»، ونسبه إلى أنه تعلمه من الأنبياء، وإنما تعلمه من ابن سينا، وابن سينا تعلمه من كتب أرسطو، وهؤلاء الذين تكلموا في الأصول بعد أبي حامد هم الذين تكلموا في الحدود بطريقة أهل المنطق اليوناني.
وأما سائر طوائف النظار من جميع الطوائف _ المعتزلة، والأشعرية، والكرامية، والشيعة، وغيرهم ممن صنف في هذا الشأن من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم _؛ فعندهم إنما تفيد الحدود التمييز بين المحدود وغيره؛ بل أكثرهم لا يسوغون الحد إلا بما يميز المحدود عن غيره، ولا يجوزون أن يذكر في الحد ما يعم المحدود وغيره؛ سواء سمي جنساً، أو عرضاً تامًّا، وإنما يحدون بما يلازم المحدود طرداً وعكساً، ولا فرق عندهم بين ما يسمى (فصلاً) و(خاصة)، ونحو ذلك مما يتميز به المحدود من غيره.
وهذا مشهور في كتب أهل النظر في مواضع يطول وصفها من كتب المتكلمين من أهل الإثبات وغيرهم؛ كأبي الحسن الأشعري، والقاضي أبي بكر، وأبي إسحاق، وأبي بكر بن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وأبي المعالي الجويني، وأبي الميمون النسفي الحنفي _ وغيرهم _، وقبلهم: أبو علي، وأبو هاشم، وعبد الجبار _ وأمثالهم من شيوخ المعتزلة _، وكذلك ابن النوبخت، والموسوي، والطوسي _ وغيرهم من شيوخ الشيعة _، وكذلك محمد بن الهيصم _ وغيره من شيوخ الكرامية _؛ فإنهم إذا تكلموا في الحد؛ قالوا: إن حد الشيء وحقيقته خاصته التي تميزه» اهـ.

الصفحات