"صدى الحرب العاصفة" هذا الكتاب إنه مراجعة عامة لآثار الحرب العراقية وتداعياتها عراقياً وأمريكياً وتقويم عام للحرب العاصفة..نقدمه للقارئ الحصيف خدمة لعراقنا الجريح الذي تم تدميره وتهديم بنيته التحتية باسم الحرية والتحرير ونصرة الجيران الذين جار عليهم النظام
أنت هنا
قراءة كتاب صدى الحرب العاصفة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المقـدمة
لقد تميّز كتاب (تحت رماد الحرب العاصفة) بسرعة إخراجه ونشره، فقد كان أول كتاب يتكلم عن الحرب العراقية الأمريكية ليس في العراق فحسب بل ربما في العالم أيضاً.. فقد ظهرت أول مسودة نهائية للكتاب بتاريخ 6/5/2003 أي بعد ثلاثة أسابيع فقط من الشروع في كتابة الكتاب في تلك الظروف الاستثنائية الصعبة التي تلت الحرب، وكنت قد شرعت في كتابته يوم الاثنين 14/4/2003 ثم استطعت أن أطبع بضع مئات منه بطريقة الاستنساخ خلال الأسبوع الرابع، حيث تم توزيع كمية منها في 13/5/2003 في جامع الإمام الأعظم بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي، ثم طبعت في تلك المرحلة الخطيرة من تاريخ العراق 3000 نسخة (طبعة أوفست ذات غلاف ملون عبّر عن موضوع الكتاب بشكل متميّز) والتي سرعان ما نفذت خلال أسبوعين، فأخرجت الطبعة الثانية المنقّحة في مطلع حزيران وبكمية مضاعفة والتي انتشرت في بغداد ومعظم المدن العراقية لاسيما بغداد والرمادي والموصل وكركوك والنجف وكربلاء والحلة والبصرة، كما وصلت خلال مدة قياسية إلى الدول العربية وبقية دول العالم لاسيما سوريا والأردن ومصر والخليج وإنكلترا وأمريكا وفرنسا وألمانيا واستراليا وماليزيا وغيرها. إن هذه السرعة التي طبع فيها الكتاب والكمية الكبيرة التي تم تسويقها خلال الأشهر القليلة التي تلت الحرب، واعتماد الكتاب على أكثر من خمسين شاهد عيان عراقي عاشوا أحداث الحرب كان على رأسهم المؤلف، وظهوره في تلك المرحلة الحرجة والخطيرة التي كان الإعلام العراقي الرسمي قد اختفى فيها من البلد بكل مؤسساته وأجهزته بشكل كامل، والتي عاش العراق في ظلها في ظلام سياسي وإعلامي وأمني دامس، فضلاً عن انهيار كافة الخدمات الأخرى بسبب سقوط النظام وتبخر أجهزته ورموزه ومؤسساته وانتشار قوات الاحتلال في بغداد وباقي مدن العراق، وانتشار أعمال السلب والنهب والحرق التي عمّت البلد كله لاسيما العاصمة.. كل ذلك يجعل لهذا الكتاب –برأيي- أثر قوي في التخفيف من شدة الظلام والعتمة الإعلامية التي خلفها الاحتلال، ودور مهم في إعطاء صورة تقريبية للمواطن العراقي عما حصل خلال أيام الحرب وأثر العدوان الأمريكي على البلد وتصوير الدور البطولي والصمود الشجاع للشعب الصابر خلال أسابيع الحرب الثلاثة، ومواكبة أعمال السلب والنهب والانفلات الأمني التي تلت الحرب، مما ولّد نوعاً من التفاعل الجمعي النفسي والاجتماعي والإعلامي لدى الكثير، وخفّف من حالة الذهول والإحباط التي ذاقها الشعب وتجرّع مرارتها بعد ذلّ الاحتلال الذي لم يكن لهذا الشعب أن يستمرأه ويستسيغه مهما كانت الظروف والمبررات. ومع ذلك وبسبب المفاجأة في سرعة إخراج الكتاب بعد شهر واحد من سقوط بغداد، فقد أذهلت المفاجئة البعض وربما داخلهم بعض الشك والظن في دقّة المعلومات التي كتبت والأحداث التي سطّرت، لاسيما بعض المنكسرين الذين كان طعم مرارة الهزيمة لا يزال في داخلهم ونفوسهم بعد انفراط عقد الجيش وتسريحه وإلغاء مؤسساته بقرار متعسّف من سلطة الاحتلال، وبعض المروّعين الذين هربوا من بغداد قبيل السقوط وتركوها عرضه للاحتلال والسلب والنهب نجاة بأنفسهم وأطفالهم، بسبب شدّة الحرب النفسية التي مارستها قوات الاحتلال وبمساندة الإعلام الأمريكي المتحيّز المسيطر وبسبب تخلف وهوان الإعلام العراقي، وكذلك بسبب سياسة الردع المتعمّد للإعلام العربي والأوربي المحايد والمتعاطف مع الشعب العراقي.. كل ذلك جعل البعض يحاول التشكيك في مدى صحة المعلومات الواردة في الكتاب لاسيما الفصول التي حاولت تصوير المعارك والأحداث المتسلسلة وصمود الشعب في المدن والقرى والبوادي أمام الآلة العسكرية الضخمة والماردة لأعتى قوتين في الأرض اليوم وتصوير خسائر العدو وتفاصيلها حسب رواية شهود العيان من العسكريين والمدنيين، وربما كانت هذه النقطة بالذات.. نقطة الخسائر البشرية في الحرب والتي قدّرها شهود العيان العراقيون بحدود عشرين ألف قتيل وثلاثين ألف جريح من قوات التحالف، والتي أخفاها المحتلون ولم يعترفوا ألا بجزء يسير جداً لا يقارن مع تلك الأرقام، هي المفارقة أو الرواية الغريبة الرئيسية في الكتاب التي لم يستطع البعض استيعابها بسبب الثقة العمياء برواية الخصم والخضوع والاستسلام للإعلام الأمريكي، والهزيمة النفسية أمام عقدة التفوق الغربي، فضلاً عن أثر زلزال الاحتلال ومفاجأته لبعض النفوس التي كانت تحت تأثير نارين هما مطرقة الاستبداد والدكتاتورية وسندان الاحتلال المذل. والآن وبعد مضي أكثر من تسعة أشهر على إخراج الكتاب وصدوره وانتشاره في الآفاق، ورغم أن نسبة هؤلاء المتشككين المنهزمين أمام بهرجة القوة والتكنولوجيا قليلة، لاسيما الآن وبعد اشتداد المقاومة ضد الاحتلال وضخامة الخسائر البشرية التي واجهها التحالف التي جاوزت خسائرهم في حرب فيتنام خلال السنتين الأولى في مطلع السبعينات، وبعد أن ثبت لأمريكا والعالم أجمع أن قوات التحالف قد دخلت المستنقع العراقي وغرقت فيه فعلاً حتى بات التحالف يستجدي دعم الدول الأخرى ومساعدة منظمة الأمم المتحدة للخروج من المأزق العراقي ومن حمام الدم والفتنة والفوضى السياسية والأمنية والعسكرية التي باتوا يواجهونها كل يوم، وأصبح العراق كما صرّح الرئيس الأمريكي بوش بؤرة استقطاب وملجأ للإرهابيين من كافة أنحاء العالم ولكل من له ثأر أو خصومة مع أمريكا يريد تصفيتها معها، وأصبح الجندي الأمريكي يواجه خطر الموت والمداهمة في كل لحظة، بل إن شعوره القاتل بخطر التصفية والتفجير أصبح يقتله كل لحظة، وأصبح الوضع النفسي والمعنوي متردّياً للجنود الأمريكان في قوات التحالف المنتشرة في العراق من البصرة حتى الموصل، بل إن هذه الحرب قد أتت على الوضع الأمني في العالم أجمع وقوّضت دعائم الأمن والسلام العالمي بسبب السياسة الرعناء والجهل الأمني والعسكري الذي تخبّط فيه بوش وحزبه الحاكم ومن ورائهم الصهاينة الذين تمنوا أن يحكموا العالم ويضعوا يدهم على مقدراته بعد هذه المجازفة الغبية، وبعد أن أقنعوا إدارة بوش بضرورة احتلال العراق وصوروا لها فوائده وثماره وفق الأحلام الوردية التي كان من المفترض أن يفتح العراق أبوابه –في ظلها- للشركات العملاقة والقوى المالية والسياسية المتحالفة مع الصهيونية، فما وجد هؤلاء غير أبواب الجحيم قد فُتحت لهم بعد تجاوزهم على الشرعية الدولية وتورطهم في ذلك المستنقع الآسن وهذا البركان المتأزّم سياسياً وعسكرياً، والذي سيأتي على حكومة الصقور في أمريكا وحلفائها بالفشل والخسران المبين.