كانت الطبعة الأولى من ترجمتي لكتاب حياتي مع بيكاسو تأليف فرنسواز جيلو، وكارلتون ليك، قد صدرت في بغداد عام 3 9 9 1 عن دار المأمون للترجمة والنشر، دون إشرافي ومراجعتي، لأنني كنت مقيمة خارج العراق.
أنت هنا
قراءة كتاب حياتي مع بيكاسو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقدمة
بابلو بيكاسو (1 8 8 1-3 7 9 1) شخصية فذة شغلت القرن العشرين برمته، وظلت سيرته وآراؤه وأعماله، التي قلبت موازين الجمال، تحتل حيزاً كبيراً من الثقافة المعاصرة. ويعد النجاح الفريد، الذي حققه بيكاسو في أثناء حياته، أمراً لميسبق له مثيل في تاريخ الفن، فقد كان على حد تعبير أمين متحف اللوفر، أول فنان في العالم يشهد دخول أعماله إلىمتحف اللوفر. وعلى الرغم من كل ما كتب عن عبقرية بيكاسو وأعماله، وما كتب ضده أيضاً، فإن الجانب الآخر من شخصيته لم يعرفعنه الكثير، فقد كان ذلك الوجه من حياته مخفياً إلاّ عن الناس الذين كانوا على تماس حقيقي معه، ومنهم فرنسواز جيلوالتي عاشت معه قرابة عشر سنوات. وهي في هذا الكتاب تحكي قصتها وقصته معاً، بصراحة متناهية وبصيرة نافذة، فهيأول من أمعن في الكشف عن شخصية بابلو بيكاسو بوجهيها الفني والإنساني: فهو عبقري متقلب المزاج، شكّاك، ملول،فصيح اللسان، شديد القلق، وهو رجل لم يتوقف عن محاربة الزمن والأعراف التقليدية، ولم يتوقف عن الإبداع. وقد
وجدت في شخصية كارلتون ليك، الصحفي الأمريكي المتتبع لحياة بيكاسو وآثاره، خير معين على مشاركتها في نشر هذاالكتاب. صدر الكتاب في طبعته الأولى عام 4 6 9 1 في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم صدر عن دار بنغوين في بريطانيا عام6 6 9 1 (وهي النسخة المترجمة هنا). ولعل هناك من يتساءل عن جدوى ترجمة هذا الكتاب بعد مضي حقب طويلة،خصوصاً وأن بيكاسو الذي أسهم إسهاماً فعالاً في إرساء معالم الحداثة في الفن التشكيلي، قد تجاوزته الحركات الفنية منذالستين!أعتقد بأن افتقار المكتبة العربية إلى كتاب يبحث بمثل هذا التفصيل عن بيكاسو وفنه، يجعل من المفيد رفدها بمرجعيتطرق إلى جوانب متعددة من إنجازاته، كما أن هذا الكتاب يضعنا أمام الحقائق الفنية التي توصل إليها بيكاسو من خلالتجاربه، وكيف كان ينظر إلى الحداثة التي أسهم بها والمدى الذي وصل إليه. وبذلك يسعنا أن نفهم فهماً أعمق، التجارباللاحقة والمسار الذي اتخذته الحداثة فيما بعد، وفضلاً عن ذلك فإن هذا الكتاب يضعنا أمام حقائق أخرى عن طبيعة عملبيكاسو وسلوكه في الفن والحياة: قلقه، وشكّه، وتساؤله الدائم عن موهبته وطاقته وتنوع عطائه، وبحثه الدائم وراء الجديد،وعلاقته الوثيقة بالمدارس الكلاسيكية على الرغم من عملية الهدم التي ألحقها بالشكل التقليدي للوحة، فقد كان بيكاسو شديدالحفاظ على جوهر ذلك البناء وعدم خروجه عنه. ومن هنا يمكننا أن نفهم أن حداثة بيكاسو هي تلك التي تعدّ، في فنالتصوير، امتداداً لتراث أساطين الفن، وإن كانت في النحت تعد تجربة رائدة، فحداثته في هذا المجال مقطوعة الجذور عنكل ما هو تقليدي ومتوارث، على حد تعبير هيربرت ريد في كتابه موجز تاريخ النحت الحديث 9 8 9 1.لقد أثار هذا الكتاب، إبان صدوره، حفيظة بيكاسو، ووجد فيه هجوماً سافراً عليه، لما تضمنه من تفاصيل دقيقة عن حياتهوسلوكه، وولعه بالنساء، وهو الذي كان يعيش تحت هاجس الشك والتكتم في كل أموره الحياتية، على عكس سلوكه معالآخرين والتمتع بفضحهم والسخرية منهم. ومن يقرأ الكتاب لا يحس أن المؤلفين، ولاسيما فرنسواز جيلو التي تقدم هنا
سيرة ذاتية، يهدفان إلى المس بسمعة هذا الفنان، بقدر ما يحس مدى الحب الذي تحمله هذه المرأة لبيكاسو وإعجابها الكبيربطاقته الخلاقة.
فرنسواز جيلو من مواليد عام 1 2 9 1، متخصصة بالأدب والقانون من جامعة السوربون، بدأت ترسم في سن العشرين،والتقت بيكاسو عام 3 4 9 1، ثم عاشت معه حتى عام 3 5 9 1، وتأثرت تأثراً كبيراً بأفكاره وآرائه ومعارفه، وعلىنحو خاص ماتيس الذي التقته عام 6 4 9 1، وكان لحديثه معها ورسائله إليها أثر كبير في تطور فنها. عرضت أعمالهافي عواصم أوروبية كثيرة، ولها أعمال في متحف الفن الحديث في باريس ومتحف الفن الحديث في نيويورك، كما أسهمت
برسم كتب لأندريه فيرديه وإيلوار وأندريه ميكيل وجاك بريفير.أما كارلتون ليك فقد حرّر، حين كان مقيمًا في باريس، كتاب قاموس فن التصوير الحديث، وعمل منذ عام 0 5 9 1مراسلاً فنياً لصحيفة كرستيان ساينس مونيتور، وكان ينشر في صحيفة نيويوركر وأطلانتك الشهرية وغيرها منالدوريات، وكانت موضوعاته الرئيسية، التي نشرها في الأطلانتك عن بيكاسو وشاغال وهنري مور، قد أكسبته شهرةواسعة، وأعطت صورة وافية عن رواد الحداثة الفنية.