لم تعد الدراسات في اللغة وآدابها منفصلة بعضها عن بعض مثلما صار الامر اليه بعد الجهود المضنية لوضع اللغة بمعزل عن الادب فقد آل الامر لهما ثانية الى نحو مابدأ موسوعياً عند الغرب بفضل اعتماد النقد الادبي المعاصر اعتماداً كبيراً على اللغة علومها في دراسة الادب
أنت هنا
قراءة كتاب بحوث في اللغة والأدب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بعد أن استعرضنا الحركة، لابد لنا في فصلنا هذا من أن نلقي الضوء على الإيماءة والفن الإيمائي الإيماء كما جاء في القاموس الجديد:
أو ما يؤميء إيماء إلى غيره: أشار، قال البحتري:
هبك تستمع الحديث فما علـ
ـمك فيه بالغمز والإيماء
والإيماء عند ابن منظور كما جاء في "لسان العرب" الإشارة بالأعضاء بالرأس واليد والعين والحاجب، وإنما يريد به ها هنا الرأس يقال أومأ إليه اوميء إيماء.
أما فن التمثيل الإيمائي (pantomime) فيقصد به التمثيل الصامت الذي يعتمد على الإيماء والحركة دون صوت. والمسرحية الإيمائية مسرحية لأدور للحوار فيها، بل يكون التعبير فيها بالإيماء الصامت والحركة الإيقاعية. ليس من السهل أن نفصل أو نميز بكل تأكيد بين الفن الإيمائي (pantomime) والمأساة المسحية "الإيمائية" (mimodrame) التي تطورت أشكال الألعاب الصامتة فيها عبر العصور فالمسرحية الإيمائية جاءت من اصل يوناني ومعناها الشخص أو الممثل الذي يؤدي دوره من دون كلام أي بمعنى انه صامت. إن "ديكروس" و"بارولت" يعدان أفضل الأمثلة على الرواية الإيمائية الحديثة الموجودة في الأفلام المضحكة لشابلن (Chaplin) وكيتون(E.Keaton).
ولديمومة وضمان استمرار الحديث بين المتكلم والمستمع وضمانها يترتب وجود مؤشرات قد لا تدخل جميعها في عملية الاتصال (Communication) وهذا يطلق عليه بالمنظم ورد الفعل الارجاعي (Le feed-Back regulator) فقد أشار دنكان (Duncan) إلى ستةمؤشرات وهي كما يأتي:
• إيماءات مثل هم، هم (hum وhum) ونعم (oui) أو هكذا (Qusai) وبالضبط (C'est ca).
• مكملات العبارات، يستطيع المستمع اكمال العبارة التي بدأها المتكلم.
• إعادة صياغة ما ذكره المتحدث.
• طلب التوضيح أورد فعل يدل على الدهشة.
• القيام بحركات الرأس.
• النظر إلى المتكلم.
ان رد الفعل الارجاعي في أثناء عملية الاتصال يؤكد للمتكلم اهتمام المستمع به في أثناء الاتصال. ويرغب المتكلم بمعرفة رد فعل المستمع وذلك بإشارات مجتمعة عندما تكون نظراته موجهة إليه.
ويمكن ان نستنتج مما ورد أعلاه إن الحركة أو الإيماء أو الإشارة أو الرمز سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة فهي وسيلة من وسائل الاتصال غير اللغوي.
فالرموز (Les emblèmes) يمكن إن تعرف بأنها حركات غير شفوية لكن لها ترجمة شفوية مباشرة.
إن الرموز لها معنى معروف لدى أغلبية الناس الذين ينتمون إلى مجتمع حضاري وثقافي واحدة. وتستخدم في معظم الأوقات عندما يكون هنالك عائق يمنع وصول الكلام أو وجود ضوضاء أو ما شاكل ذلك. ويمتلك كل مجتمع من هذه الرموز بحدود 150- 200 رمز. وان معظممعاني هذه الرموز لها دلالات سلبية كرفع الكتفين والتصفير وإخراج اللسان.
وكلما درسنا الرموز نلاحظ ازدياد المعاني والدلالات والرمز الواحد قد يدل على عدة معان فمثلا حركة الإصبع إلى الأذن يراد بها أن المستمع لم يستمع جيداً أو كرر ذلك أو تكلم "بصوت مرتفع (La situation de communication) أو "ماذا" ويجب أن لا ننسى بان معنى الرمز يعتمد على حالة الاتصال. كما ان هنالك حركات تقوم بالمحافظة على متابعة الكلام والاستماع تسمى بالمنظمات (régulateurs) حيث يحدث ما يشبه التفاعل بين الكلام والحركة. ان هذه الحركات تقوم بالحفاظ على استمرارية المحادثة. قد يحدث بان يقوم المتحدث بحركات منظمة أمام المستمع من اجل التفاهم يمكن لهذه الحركات أن تتغير بمرور الزمن وللمجتمع دور فعال في تكوين هذه الحركات وان أكثر الحركات تكرارا واستعمالا والتي يعرفها الناس هي تحريك الرأس والعينين واللمس وقد صنف كوسنية (Cosnier) عددا منها وأطلق عليها اسم التوافقية (Les adopteurs) إن صح التعبير وهي تقع ضمن وسائل التفاهم كما تتعلق بالحركات التي تحدث تلقائيا وبالتتابع في أثناء الكلام.
فاللمسة في أثناء الكلام وسيلة من وسائل التفاهم. كما أن هنالك حركات أخرى قد تحدث في أثناء الكلام مثل حركة القدمين أو اليدين وخاصة الحركات التي تقع في الجزء العلوي من جسم الإنسان فكل هذه الحركات تسمى باللغة الفرنسية (Les adopteurs) وأخيرا نستطيع القول إن الإنسان قد تمكن من دراسة فن التعبير بالإيماء ومعرفة اقل حركة عضلات الوجه وربط الحركة بالتأثيرات مثل المفاجأة والخوف والاشمئزاز والغضب والفرح والتعاسة.