لم تعد الدراسات في اللغة وآدابها منفصلة بعضها عن بعض مثلما صار الامر اليه بعد الجهود المضنية لوضع اللغة بمعزل عن الادب فقد آل الامر لهما ثانية الى نحو مابدأ موسوعياً عند الغرب بفضل اعتماد النقد الادبي المعاصر اعتماداً كبيراً على اللغة علومها في دراسة الادب
أنت هنا
قراءة كتاب بحوث في اللغة والأدب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض علماء اللغة مثل بيركوريو قد حاول دراسة الحركة (les gestualités) كلغة الكلام مطبقا المفهوم السوسوري
(F. de Saussure) وهو أن اللغة ليست سوى نظام إشارات
(Système de Signes) لكن وجود ما يسمى بلغة الإشارة المستقلة يبدو غير مؤكد، لأن الإشارات والحركات – كما هو معروف – لا ترتقي إلى أبنية قواعدية. وقد فرق علي بن سليمان الحيدرة (ت 599 هـ) بين القول والكلام إذ لم يعد الإشارة كلاما لأنها غير مسموعة على الرغم من أنها تشترك مع الكلام كونها مفيدة فقال: (وأنما شرطنا أن يكون الكلام مسموعا مفيدا احترازا من مسموع غير مفيد كأصوات البهائم وزمير الطير وصدى الجبال ونحو ذلك ومن المفيد غير مسموع كالإشارات والوساوس والخطرات لان ذلك وشبهه لا يسمى كلاما).
وثمة دراسة استقصائية أخرى تختلف عن دراسة الحركة بوصفها إشارة لغوية فهي دراسة تتعلق "بالنصوص الحركية" (texts gestucls) إذا صح التعبير والتي تقوم على دراسة الرقصات الشعبية والبالية والاكروبات والإيماء.
ونرى في يومنا هذا في لغة الأطفال مع أمهاتهم إنهم يؤدون العديد من الحركات في أثناء الاتصال (Communication) فالحركة تتزامن مع الكلام في عبارة الوداع
(au revoir) في الفرنسية و (bye. bye) في الانكليزية التي تعد أولى المفردات التي يتقبلها الأطفال في محادثاتهم فهي تتزامن مع حركة اليد.
والحركة نحو ما اشرنا سابقا تقسم إلى نوعين:
(para langage) أو (para linguistique) (Kinésique) أو (legeste) لغة الجسد التي تخص حركات الجسد دون أن تكون قانونا (Code) واضحا كما هو موضح في دراسة الصور آلاتية*: ففي الصور ذات الرقم (1) الطبيب جالس وواضع ساقا على ساق وقد لف ذراعيه مائلا إلى الخلف بعيدا عن المريض مستمعا إليه ومحاولا فهم ما يقوله دون التفوه بشيء.
أما الصورة ذات الرقم (2) فنرى فيها الطبيب مائلا بجسده نحو الأمام وقد أزال تعضيد يديه ولف الساقين فهذا الوضع يبدو أكثر فعالية وتفاعلا مع المريض وأكثر طمأنة له.
أما الدراسة الثانية في هيئة جلوس الطبيب، فنرى في الصور الأربع أن الطبيب يحرك ساقيه وذراعيه فالصورة (أ) تدل على إزالة لف الساقين والذراعين تدريجيا أما في الصورة (ب) فنرى انحناء الطبيب تدريجيا نحو المريض والصورة (جـ) هي مزيج من الصورتين أ و ب فهي جلوس تقليدي وتدل على اتصال بين المريض والطبيب ويطلق عليها الاتصال البدني (contact physique).
ونستطيع دراسة حركة الرأس في الصور آلاتية:
حيث نرى في الصورة ذات الرقم (1) الطبيب يصغي إلى المريض ورأسه مائل قليلا إلى الإمام وقد أزاغ عينيه عن المريض. أما في الصورة ذات الرقم (2) فنرى راس الطبيب مرفوعا وهذا يدل على نهاية الحركة الأولى منتقلا إلى الحركة الأخرى التي توضحها الصورة الثالثةوهي الاستعداد لتشخيص المرض فنرى رأسه مستقيما وهو ينظر مباشرة نحو المريض. أما الصورة ذات الرقم (4) فنرى فيها راس الطبيب مستديرا بعيدا إلى الخلف ناظرا باتجاه الأمام دون النظر إلى المريض وهذا يدل على نهاية تشخيصيه.