كتاب لقصصي وحكاياتي جمعت فيه بعضاً مما مر بي خلال رحلة الحياة..
أنت هنا
قراءة كتاب أول الوجع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
أول الوجع
الصفحة رقم: 9
عفيف.. هذا الإنسان الذي كنت لا أطيق رؤيته وأنا هناك.. ماذا يفعل هنا..؟! ما الذي أتى به؟ لماذا ألهث خلفه وأناديه وأسلم عليه؟! لا بل وأعانقه؟ غريب كل هذا.. إنني قطعاً لا أجامله فليست هذه طباعي ولا أنافقه فليس لديه ما يدفعني لذلك، لشد ما كرهته هناك.. ولشد ما أحبه هنا، رأيته أول أمس وكان يسير في الشارع الأفعى المتراخي فنزلت إليه وركضت وراءه، ناديته حتى وقف ووصلته، سلمت عليه، عانقته، قبلته بكل اللهفة والحرارة، هو استغرب ذلك ولم يصدق عينيه ولا أنا.. وكيف هذا وأنا لم أكن أطيق حتى رؤيته، فكيف جاءت كل هذه الحرارة في الترحيب؟ ولماذا أدعوه على الغداء وعلى العشاء وأدعوه إلى بيتي؟! أو صومعتي كما أسميها..
وأُلح في ذلك بل وأرجوه ويقبل، ونسير معاً كأروع ما يكون عليه صديقان تحابا دائماً وتفاهما!! ويندهش هو فقد كان يبادلني نفس الشعور بالنفور والكراهية ولكن صدق إحساسي، ساعة لقائي به تجعله يراجع علاقته معي ويتغاضى عن عداوتنا القديمة ونتصافى لنجلس ونأكل ونشرب ونضحك ونتذكر أيامنا معاً، ومقالب كل منا للآخر بصراحة.. كرهته لأنه سبقني لحب فتاة في حيّنا وهو من حي آخر غير الحي الذي أعيش فيه سرقها مني وأنا الذي أضناني حبها كثيراً وكانت رائعة معي ومعطاءة حتى ظهر عفيف فتحولت عني إليه.. وقد كان عفيف يومها يملك الكثير مما لا أملكه أنا.
وهكذا الدنيا دائماً بنات الفقراء يأسرهن الغني وبنات الأغنياء يأسرهن الفقراء.. واحد يكمل الآخر.. وكأننا نحافظ على توازن العالم..
المهم كان هذا هو السر، وكانت أيام مراهقة انتهت، كان هذا هو سبب كراهيتي لك فما هو سبب كراهيتك لي..؟! سألته فقال: هو نفس السبب.. قلت: كيف؟!
قال: ألا تذكر عايدة..؟! تلك الجميلة المثيرة ابنة عمي التي كانت طالبة في مدرسة الُشميدت؟؟! أجل.. أجل.. لقد كانت رائعة حقاً تزوجت؟ أليس كذلك؟ نعم.. أجابني وقد كانت لي معها قصة انتهت بظهور جنابك.. فقد أفهمتني أنّها تحبك في تلك الأيام، وعبثاً حاولت معها لكنها لم ترضَ عنك بديلاً.. وازداد غيظي منك يوم رأيتها معك في شارع العشاق أتذكره؟ ذلك الشارع الخلفي قرب فندق الأورينت هاوس بيت الشرق الذي أغلقوه الآن..