أنت هنا

قراءة كتاب إلى اللقاء قاتلتي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إلى اللقاء قاتلتي

إلى اللقاء قاتلتي

في روايته الأولى يتحدث الكاتب اللبناني ابراهيم عيسى عن مغامرته الثلاثية، يتأرجح قلمه على زخّات فقدانه والده، فرح يرحل في شبابه، ثم حبيبة لا ندري إنْ كانت القاتلة أم المقتولة أم الاثنتين معاً، أخيراً إلى وطن أشبعه سموم الطائفية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

لا، هناك تشابه حاد ومتقارب جداً، فكما أنّ هذه الشعوب ملّت أنظمتها الديكتاتورية كذلك حبنا ملّ أنظمة الطوائف وقوانينها المتداخلة في تفاصيل حبنا الصغير... لو توقفت تلك الشعوب عن نضالها ضد أنظمتها لما نالت حريتها، ولو توقفنا عن ثورتنا لسوف نكون كالبقية منصاعين لأوامر السلطة الطائفية العليا، ولأصبحنا كالبقية قطعاناً تساق للذبح على معابد تلك الأنظمة.
البارحة كان غيرك، واليوم أنت، ولا أدري إن غداً سوف تأتي نساء بعدك، يكتبن هذه الصفحات كما كتبن في أوراق حياتي تفاصيلهن وعلاقاتهن وأجسادهن، وطبعن في ذهني وجسدي كلماتهن.
يخطر في بالي مع كل رشفة من فنجاني قصيدة لنزار قباني... وهل تكتفين أنت بقطعة سكر؟ كلا لن أكتفي بقطعة واحدة في فنجاني كما فعلت سابقاً، فالآن أنت لست معي وشفتاك لا تعصران حلاوتهما في فنجاني، ولو وضعت كل قطع السكر وما في كوبا من إنتاج للسكر لن يضاهي حلاوة شفتيك وريقهما المعسل.
يستفزني المطر خارجاً لأكتب، وإنارة السيارات المارة المنعكسة على حبات المطر كانعكاس حبك في روحي...
سوف أكتب عنك وعني، وآن الأوان لمن يقرأ هذه الصفحات أن يعرف من أنت، ويعرف وجعي وألمي وحزنك ومرارتك...
سوف أكتب عنك وعني، وعن غيرك ممّن سبقنك إلى معرفة تفاصيل حياتي ويومياتي، وإلى معرفة تفاصيل فراشي وطريقتي في ممارسة الحب وطريقتي في قتل الحب.
أنت...من أنت؟ أأنت عابرة سبيل في أيامي استوقفك قطار محطتي؟ أم أنت كاتبة هذه الصفحات، وعلاقتي بك وما يرافقها من تفاصيل عنوان لكلماتي وصفحاتي وأوراقي وأيامي...
أنت الفرح والحزن في آن، وأنت الوجع والضحك في الوقت ذاته، أنت الكفر والإيمان، الشهوة والمحرمات والمحللات، أنت التناقض المثير في حياتي، أنت ببراءتك وطفولتك وجنونك وعقلانيتك ومنطقك وتحليلك وطريقتك في تسيير حياتي، أنت اللاشيء وكل شيء...أنت أنا...ولتسقط بقيّة الكلمات، فحين أقول أنت أنا، فهذا يعني أنك تفكيري ومبادئي وأنك أنت كتابي...
وكيف يعقل أيتها السيدة العابرة أو المحلية أن تكوني سر حياتي وصراعي مع المجتمع.
لِمَ يستوقفني حبك، وعلاقتي بك، ولِمَ أتشتت أنا وأفكاري وأغرق في حيرتي ما لم ولن تكون قضية أساسية لثورتي مع تلك الأنظمة الطائفية وما تمثل من صد وهجوم على وجودي وأفكاري..
أنت ذاك الملاك القادم من طائفة وأنا هذا الرجل الذي وقع فيك إلى حد الجنون والهوس...وأنا من طائفة أخرى... أنت وأنا عنصران أساسيان لتحريك مجتمع، وأنا وأنت الصراع الأساسي لهذا المجتمع..
ألم أقل لك إننا تناقض مثير يخبئ في طياته كل هذه الكلمات؟

  • - سايد...الحساب لو سمحت.
  • - حاضر يابيه...

وأترك قلمي وأوراقي ووجعي على طاولة منفاي، وأتركك تخطّين في يومياتي وحبك وروحك، وأدعك تنفخين في الهواء أنفاسك التي سترافقني في أوراقي.
أمشي قليلاً تحت المطر، لأتذوق دمعك الهاطل من غيم السماء، ولأذوب دمعي بمطرك حتى لا يدري الغيم أنني أبكيك فيصيح بي البرق والرعد خوفاً من أن تشعر بي غيمات عينيك وتكثر الدمع.
أخرج من هذا المقهى، تاركاً طيفك ورائي جالساً بمفرده إلى طاولتي لينتظرني للمرة المقبلة كي أكتبه سطوراً معبرة.
أعود إلى الواقع، أعود إلى نفسي أعود إلى بيتي، إلى غرفتي الباردة، أعود إلى فراشي أفتش عن بقايا جسدك فيه ولا أجد سوى ذكريات لليال شهوانية هوجاء، ورائحة عطرك على وسادتي تمارسني حباً طوال أحلامي الليلية.

الصفحات