في روايته الأولى يتحدث الكاتب اللبناني ابراهيم عيسى عن مغامرته الثلاثية، يتأرجح قلمه على زخّات فقدانه والده، فرح يرحل في شبابه، ثم حبيبة لا ندري إنْ كانت القاتلة أم المقتولة أم الاثنتين معاً، أخيراً إلى وطن أشبعه سموم الطائفية.
أنت هنا
قراءة كتاب إلى اللقاء قاتلتي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الفصل الثالث
يمتلكني الخوف دوماً حين أبحث عن قلمي لأكتب، لا أدري لِمَ أشعر بالخوف منه، وهو بدوره يهرب مني دائماً، أفهمه وقد قلت لك سابقاً أنه لا يريد أن يكون شاهداً ملكاً في جريمتي الروائية ولكن لِمَ خوفي منه، أهو خوف منك ومنها ومن أحداثكما اليومية؟
جعلتني اليوم أعود إلى طفولتي، وأرى أمامي ماضيّ الطفولي، أخرجتني من نفسي وتركتني أراقب أنا الطفل...
أضحكتني وشاركتني في اللعب مع أصدقائك في الحديقة العامة، أعدتني إلى طفولتي على متن ذلك القطار الذي أهداني إياه بابا نويل في سنتي الخامسة، رميتني في غرفة لُعَبي مع ذلك القطار وسكته، وذلك المسدس المائي وسيارة البورش الصغيرة ودمية الباربي التي تركتها معي ابنة الجيران قائلة: اهتم بها إلى الغد.
من صغري وأنا مأخوذ بمفاتن الأنوثة، حتى في دمية الباربي كنت أبحث عن هذه المفاتن وأبعث فيها روحاً حية، لتصبح بشرية الجمال.
أحب التنزه والتنقل بين حالاتي النفسية معك، فتارة أعود طفلاً وأخرى أفجر معك رجولتي، وحيناً آخر أمارس رومنسيتي وحناني بين أحضانك.
منذ وقت قليل كنت طفلاً ألعب مع ابنة الجيران، وها الآن قد نما فيك هذا الطفل واستحال رجلاً يدخل مسامات جلدك...
أحب تقلباتي الشخصية معك.
فحين أكون طفلاً أخجل من عينيك، وعندما أكسر خجلي أصبح ذاك الرجل العاطفي والرومنسي والشهواني..
هل أستحق حبك وليلتك، أم أنني رجل أركض خلف نزواتي وشهواتي، لا شيء من هذا، جميعكن، أنت وهي ومن سبقكما من نساء في حياتي، تكتبنني، ...تماماً كما أكتب روايتي، وتخططن السطور وأنا المترجم الأبله لهذه السطور...
كالعادة، في المقهى ذاته وحول الطاولة ذاتها بدأ حديثنا:
- - ألن تقول ذكرى من كنت تحتفل بها؟
- - ذكراها هي... من لم تخرج بعد من حياتي...ولا أدري إن كانت ستخرج، ذكرى صراعي مع مجتمعها الطائفي ومجتمعي الفاسد...
- - إذن تحتفل بها كلما سنحت لك الفرصة؟ وهل تمارس كثيراً هذه الطقوس؟
- - في الآونة الأخيرة، نعم..
- - ومتى أصبح أنا احتفاليتك؟
- - حين تصبحين وجعي...
- - وماذا تصنفني الآن؟ من أنا إذن، أملهاة بين كأسك ووجعها أملهاة أنا بين حبك ونبيذك؟
- - أنت العائدة من الماضي الموجودة في خطأ الحاضر.
- - وكيف أصبح أنا الحاضر؟
- - حين يصبح الحاضر... خطأ الماضي.