في روايته الأولى يتحدث الكاتب اللبناني ابراهيم عيسى عن مغامرته الثلاثية، يتأرجح قلمه على زخّات فقدانه والده، فرح يرحل في شبابه، ثم حبيبة لا ندري إنْ كانت القاتلة أم المقتولة أم الاثنتين معاً، أخيراً إلى وطن أشبعه سموم الطائفية.
أنت هنا
قراءة كتاب إلى اللقاء قاتلتي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الفصل الثاني
أصبحت أحب وحدتي... وغدوت متعلقاً بصمتي، وفي حضرته أشعر أنني داخل معبد آلهة إغريقية طوى الزمان وجودها ولم يبق منها سوى تماثيل شاهدة على عبادتها وألوهيتها في تلك الأزمنة، وبعض صفحات في كتب التاريخ التي تدرس في مدارس اليوم.
وفي ظل وحدتي وداخل معبدها سمحت لها بالدخول، سمحت لها بدخول صمتي وأيامي وكتاباتي...
في ظل ظروف غيابك الموقت عني تحت ظل الأنظمة الطائفية دخلت هي لتحاول أن تكون سيدة وحدتي وسيدة صمتي...
لا أدري كيف تسللت إلى معبدك الذي بنيته داخل حياتي، أدخلت تصلي ووجدتني أنا ذلك الكاهن أشعل بخور حبك أمام تماثيلك أم دخلت قاصدة كاهن المعبد ذاك؟
لا أدري من هي، ولا من أين أتت، ربما من بقايا الماضي وذاك الزمن الحافل بالتجارب والنساء والكلمات؛ جريئة هي لتمتطي رياح الماضي وتحمل بقاياها وتدخل حاضري، وأنا الذي كنت أظن أن الرياح الشمالية أو الشرقية تجلب معها، وحين ترحل تأخذ ما تجلبه...
ها هي تلك الرياح تعود عاصفة بواقعي وجالبة معها ماحملته من قبل...
ترافقني وتجلس معي وتلف المدينة بضحكتها وجنونها، وأنا بشرودي بك وتفكيري الذي لا يتوقف في حبك أرافقها...
ألم تلاحظ ياترى أنني شريدك في كل لحظة أكون معها، ألم تلاحظ برودة يديّ حين تمسك بهما، وصقيع شفتيك حين تقبلهما.ألم تكتشف بعد بقاياك على عنقي، ألم تجدك في سريري، ألم تشم عطرك على وسادتي؟
ألم ترَ طيفك جالساً معنا، وأنا الذي أخاف من أن يراني طيفك ويكلمني حين أكون برفقتها.
أخجل منك حين تكونين جالسة بقربنا، نفعل ما كنا نفعله أنا وأنت.
أخاف من أن يحاسبني وجهك على تصرفاتي وملاقاتي إياها.
فأنت الغائبة الآن وهي الحاضرة... قلت لك سابقاً إننا تناقض مثير بما يحمل من مفاجآت وأسرار.
غريبة هي، ألاحظت وجودك وساكتة؟ ألمستك في يدي؟ وقبّلتك حين قبّلتني؟ أعانقتك نيابة عني؟ أردّت على رسائلك بهاتفي؟ أكلمتك حين طلبتني وأنا معها؟ أشعرت بك حين كلمتك كصديق يطمئن إلى حالتي...
ألمست كل هذا وسكتت كي لا تنجرح كبرياؤها؟ تلك الكبرياء التي حملتها مع رياح تشرين، ولكي لا تعود مع أول عاصفة شمالية تهب لتصبح كالسابق غبار ماض؟
* * *