أنت هنا

قراءة كتاب الأسرى الأحرار - المجلد الثاني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأسرى الأحرار - المجلد الثاني

الأسرى الأحرار - المجلد الثاني

إنه كتابي الذي سطرته من تجاربي الشخصية ومعاناتي الخاصة، التي لا تختلف كثيراً عن معاناة مئات آلاف الفلسطينيين، التي تفوقها بكثير وتتجاوزها بمراحل؛ فما واجهتُه وعانيتُ منه هو أقل بكثير مما لاقاه غيري، وواجهه من كان قبلي ومن جاء بعدي، ولكنها خلاصة تجربة فيها ا

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

الفصل السادس

أحكامٌ ومحاكمات

تمهيد ...

أتاح ظلام السجن الدامس، وعتمة المعتقلات وبعدها عن ضجيج الحياة، «للقضاء الإسرائيلي»، وللمشرع والكنيست و«لمؤسسات القانون» الأخرى، الفرصة للعبث القانوني والتشريعي في قضية الأسرى والمعتقلين دون وجود رادعٍ أخلاقي أو قيمي، أو رقيبٍ قانوني محلي أو دولي. بل إن «القضاء العسكري الإسرائيلي»، و«مؤسسات التشريع الإسرائيلية» يعملون وفق التعليمات الأمنية، بما يخدم «الصالح الإسرائيلي»، دون النظر إلى الحقوق الإنسانية والقانونية للمواطن الفلسطيني، وكانت هذه المؤسسات جاهزة دوماً لسن القوانين التي تتماشى مع المتطلبات الأمنية، وتخدم المراحل السياسية، وتقترح دائماً مشاريع القوانين التي تخدم المصالح الأمنية لدراستها تمهيداً لإصدارها، حيث تتعامل «إسرائيل» بقوانينها ومؤسساتها التشريعية مع الأسرى والمعتقلين على أنهم إرهابيين وقتلة، وأنهم يشكلون خطراً على أمنهم وأمن المجتمع الدولي كله، ولهذا ينبغي مواجهتهم بكل السبل الممكنة، القانونية وغير القانونية، الشرعية وغير الشرعية.
لا يدور الحديث عن الأحكام والتشريعات الظالمة فقط عن «المحاكم العسكرية الإسرائيلية»، أو «المدعي العام العسكري الإسرائيلي»، وممثلي النيابة العسكرية الذين يعملون غالباً في «المؤسسة الأمنية الإسرائيلية»، وإنما تشمل أيضاً الكنيست (البرلمان)، الذي شارك بدوره بصورةٍ فاعلة في سن وصياغة «قوانين إسرائيلية»، التي تشرع وتجيز انتهاك حقوق الأسير الفلسطيني.
كما ساهمت «المحكمة العليا الإسرائيلية»بدورٍ كبير في التأكيد على شرعية إجراءات التعذيب والتحقيق التي تمارسها «الأجهزة الأمنية الإسرائيلية» ضد الأسرى الفلسطينيين، وكانت بعض «المؤسسات الحقوقية الإسرائيلية» والفلسطينية قد تقدمت إلى «المحكمة العليا الإسرائيلية»بشكاوى ضد ممارسات الأجهزة الأمنية القاسية بحق الأسرى الفلسطينيين، ولكن المحكمة العليا كانت دوماً تنتصر للأجهزة الأمنية، وتصادق على إجراءاتها، وتجيز ممارساتها، وتبرئ الضباط والمحققين من أي مسؤولية قانونية أو أخلاقية تجاه ما يصيب الأسرى ويلحق بهم، من أذىً جسدي أو ضرر نفسي، رغم علم هيئة المحكمة أنها تخالف بإجازتها ممارسات التعذيب والإهانة، كافة الأعراف والشرائع الدولية التي تنتسب إليها.
تعتبر فترة أسر «الجندي الإسرائيلي»، جيلعاد شاليط، في غزة، من أسوأ الفترات التي مرت على الأسرى الفلسطينيين لجهة التشريعات الجائرة والظالمة التي لحقت بهم، حيث قامت «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» خلالها بالانتقام لاحتجاز (شاليط) على أيدي المقاومة الفلسطينية من الأسرى الفلسطينيين، وكان العام 2010 هو الأسوأ على الإطلاق، حيث مارست عليهم ضغوطاتٍ شديدة، وسحبت الكثير من امتيازاتهم، وجردتهم من حقوقهم، وعاملتهم بمنتهى الشدة والقسوة، في رسالةٍ واضحة إلى آسري الجندي شاليط، بضرورة الكشف عن مصيره ومكانه، وتمكين أهله أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارته والاجتماع به، والتعرف على أخباره. ففي العام 2010 قامت «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» بأكبر عملية لشرعنة الانتهاكات والممارسات التعسفية التي تنفذها إدارات السجون بحق الأسرى بشكل مستمر، وسخرت للوصول إلى أهدافها وغاياتها «المحكمة العليا الإسرائيلية» و«جهاز القضاء الإسرائيلي»، بالإضافة إلى الكنيست وجميع اللجان القانونية المنبثقة عنه، التي عملت كلها جنباً إلى جنب مع القرارات العسكرية الصادرة عن «وزارة الدفاع الإسرائيلية» والمؤسسات الأمنية والعسكرية وكبار الضباط فيها، وهذا يعني أن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» تتعامل مع قضية الأسرى على أنها ورقة رابحة في يدها، تستخدمهم لابتزاز الطرف الفلسطيني، لتفرض عليه شروطها، وتجبرهم على القبول بها، وإلا فإن الأسير الفلسطيني سيدفع الثمن من صحته وعافيته ونفسيته، وسيضيق عليه العيش في سجنه أكثر مما هو ضيق، وستسحب منه الكثير من حقوقه، وسيعودون به إلى سنوات الاحتلال الأولى حيث لم يكن الأسير يتمتع بأية امتيازات.
وبالقدر الذي مارس فيه الاحتلال الضغط على الأسرى والمعتقلين من خلال «مجموعة التشريعات» التضييقية التي قام بها؛ فإنه مارس الدور غير الأخلاقي الضاغط ذاته، على نفسيات ومعنويات ذوي الأسرى، حيث كانت خطته تعتمد على ممارسة الضغط داخلياً وخارجياً، في السجون والمناطق، على الأسرى وذويهم معاً، في محاولة لتحرير جنديه الأسير، أو الحصول على معلوماتٍ عنه.
أما «القضاء الإسرائيلي» و«المحاكم العسكرية الإسرائيلية» فيشكلون غطاءً حامياً وواقياً للأجهزة الأمنية وممارساتها، ويقومون بدورهم في أكبر عملية انتهاك لحقوق الأسرى الفلسطينيين، وتجاوز لأبسط مبادئ القضاء المعمول به في كل مكان، حيث تفتقد «المحاكم العسكرية الإسرائيلية» لإجراءات القضاء العادلة، ولا تمكّن الأسير من استخدام حقوقه المشروعة في أن يكون له محامٍ يدافع عنه، ويطلع على الاتهامات الموجهة ضده، والأدلة المتوفرة في حوزة النيابة ليتمكن من دفعها، بل يتعمد «القضاء الإسرائيلي» أن تكون جلسات المحكمة متسرعة، والإجراءات متلاحقة، في الوقت الذي تصدر المحاكم العسكرية أحكاماً تعسفية وعنصرية بحق المعتقلين الفلسطينيين، وتعتمد في أحكامها، في أغلب الأحيان، على ما يسمى بـ«المادة السرية»، حيث تحتفظ النيابة العامة ببعض المعلومات الخاصة بالمعتقل، والتي بموجبها تصدر المحكمة حكمها على الأسير، وغير ذلك من الإجراءات التعسفية الظالمة التي تحرم الأسير من أبسط حقوقه في محاكمة عادلة، وهو ما سنوضحه تفصيلاً فيما سيلي ...
 

الصفحات