إنه كتابي الذي سطرته من تجاربي الشخصية ومعاناتي الخاصة، التي لا تختلف كثيراً عن معاناة مئات آلاف الفلسطينيين، التي تفوقها بكثير وتتجاوزها بمراحل؛ فما واجهتُه وعانيتُ منه هو أقل بكثير مما لاقاه غيري، وواجهه من كان قبلي ومن جاء بعدي، ولكنها خلاصة تجربة فيها ا
أنت هنا
قراءة كتاب الأسرى الأحرار - المجلد الثاني
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
قانون المنهلي ...
يبحث الاحتلال عن كل وسيلة ممكنة لزيادة معاناة الأسرى، والحيلولة دون تيسير ظروف احتجازهم المادية والنفسية، ويبذل قصارى جهده لحرمان الأسرى من حقوقهم وامتيازاتهم، وتجريدهم مما حققوه من خلال الإضرابات الأليمة عن الطعام، لذا فقد أصدر في العام 2010 قراراً بإلغاء الخصم من مدة اعتقال الأسرى الفلسطينيين في السجون، وهو ما يعرف بين الأسرى بقانون «المنهلي»، والذي يحرم الأسرى من تخفيض 21 يوماً من مدة اعتقال كل أسير أمضى سنة، وتخفيض 35 يوماً لكل أسير أمضى سنتين، و45 يوماً لكل أسير أمضى أكثر من سنتين، و75 يوماً لمن أمضى خمس سنوات، وترفض «المحاكم العسكرية الإسرائيلية» كافة طلبات الاستئناف التي تطالب بإلغاء مفاعيل قانون المنهلي، وتمكين الأسرى من الاستفادة من قوانين السجون السابقة، وتصرُّ على أن يتم الأسير المحكوم كامل مدة عقوبته، دون حسمٍ لأي يومٍ منها، بل إن من اللافت للنظر أن إدارة السجون لا تفرج عن الأسير الذي انتهت مدة حكمه إلا في ساعة متأخرة من الليل من يوم الإفراج عنه، هذا إن لم تقم بتحويله إلى الاعتقال الإداري وتجديد اعتقاله بموجب قانونٍ آخر.
المقاتل غير الشرعي ...
يحدد «القانون الإسرائيلي» المقاتل غير الشرعي بأنه كل من يشارك في (العمليات العدائية) ضد «إسرائيل»، ولو بصورة غير مباشرة، وكذلك هو كل من ينتسب إلى قوة مقاتلة ضد الدولة العبرية، ووجد في ميدان القتال ببزةٍ القتال وعدته أو بدونهما، وذلك أثناء العمليات العسكرية أو بعد الانتهاء منها، مما يتيح «للجيش الإسرائيلي» اعتقال مثل هؤلاء الأشخاص إدارياً بدون تقييد للوقت، ويطلق عليهم اسم «مقاتل غير شرعي»، في ظل اعتقاد أمني بأن إطلاق سراحه يمكن أن يمس بأمن الدولة، وأنه قد يعود إلى العمليات القتالية التي من الممكن أن تلحق ضرراً بأمن الكيان وسلامة مواطنيه، أو أنهم قد يعرقلون عمل «الجيش الإسرائيلي» ويعطلون مهمته، على أن ينتهي الاعتقال عندما يعتقد رئيس هيئة الأركان أو من يفوضه بأن المعتقل لا يستوفي تعريف «مقاتل غير شرعي»، أو أن إطلاق سراحه لن يمس بأمن الدولة.
يسمح قانون المقاتل غير الشرعي «للسلطات الإسرائيلية» باحتجاز الأسير مدة مفتوحة دون محاكمة، واستخدامه كرهينة للمقايضة، وتمديد اعتقاله تعسفياً وعشوائياً دون الخضوع لأي إجراءات قانونية في تمديد احتجازه، وقد يصاحب عملية الاحتجاز، إخفاء كل المعلومات المتعلقة بالأسير المحجوز، وقد تنكر «السلطات الإسرائيلية» وجوده، وتنفي مسؤوليتها عن سلامته، كما قد تخفي مكان احتجازه، وتمتنع كلياً عن نقل أي معلومة تتعلق به وبصحته العامة.
تنظم سلطات الاحتلال بناءً على قانون المقاتل غير الشرعي الذي سنته في العام 2002، حالات اعتقال الأشخاص الذين تعتبرهم محاربين غير قانونيين أو «غير شرعيين»، بحيث لا يحظون بمعاملة أسير الحرب بموجب اتفاقية جنيف الثالثة، أو بمعاملة الأشخاص المعتقلين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، وإنما يجردون من كل الحقوق والحماية التي يوفرها لهم القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان، وتكمن خطورة هذا القانون في كونه يعطي الصلاحية المطلقة لرئيس هيئة الأركان، أو لضابط برتبة نقيب فما فوق بأن يصدر أمراً باعتقال أي شخص، يمثل أمامه، يشك في كونه «مقاتلاً غير شرعي»، أو يعتبر أن إطلاق سراحه يمس بأمن «دولة إسرائيل»، رغم أنه ليس من حقها كدولة احتلال أن تسن تشريعات وقوانين مخالفة للقانون الدولي، لا يعتد بها، حيث ليس هناك ما يسمى بالمقاتل غير الشرعي فيما يتعلق بمقاومة الاحتلال وفقًا لقواعد القانون الدولي. فقد أكد القانون الدولي على شرعية مقاومة الاحتلال، وبالتالي فإن «القوانين الإسرائيلية» المجرمة لأعمال المقاومة باطلة وغير شرعية.
أقر الاحتلال تطبيق هذا القانون الجائر على أسرى قطاع غزة بعد الانسحاب منه في ديسمبر 2005، وذلك للتحايل والالتفاف على القانون الدولي، لأن الأسرى الفلسطينيين هم في الأساس مدنيون، يجب أن يتمتعوا بالحماية القانونية التي توفرها اتفاقية جنيف الرابعة، ولكن هذا القانون شرّع للاحتلال مواصلة اختطاف المواطنين من قطاع غزة إلى فترات مفتوحة دون تحديد موعد لإطلاق سراحهم، ودون أن يلتزم الاحتلال بتقديم تهمة أو أدلة أو عرض على المحاكم، وذلك بعد أن فقد الاحتلال صلاحية فرض الاعتقال الإداري على سكان القطاع، ولهذا دأبت سلطات الاحتلال على إعادة اختطاف أسرى قطاع غزة بعد الإفراج عنهم لانتهاء مدة حكمهم، واحتجازهم تحت قانون «مقاتل غير شرعي» دون محاكمة، ودون تحديد لمدة الاعتقال، أو تاريخ الإفراج عنه.
تتعامل «إسرائيل» مع هذه الفئة من الأسرى والمعتقلين بطريقة انتقامية، فيها نوع من التشفي والحقد، حيث يرون أنهم سحبوا جيشهم من قطاع غزة، وأوقفوا العمليات الحربية فيه، ولم يعد هناك وجود لمراكز «عسكرية إسرائيلية»، ولهذا فلا يوجد مبرر لقيام مواطني قطاع غزة بعملياتٍ عسكرية ضد وحدات «الجيش الإسرائيلي»، ولما لم يكن هناك –برأيهم- مبرر لمقاومة مواطني قطاع غزة فإن رد فعلهم تجاه من يلقى عليه القبض يجب أن يكون قاسياً ورادعاً، كما أن الأحكام العسكرية الصادرة بحقهم يجب أن تكون قاسية، ولا يوجد مجال للمقارنة مع حالاتٍ أخرى غيرها مشابهة لها.
وعليه فإن قانون «مقاتل غير شرعي» خاص بسكان قطاع غزة إلا أنه أصبح عاماً يطبق على كل من ترى وجوب اعتقاله، حيث تعتبر «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» أن كل من يمس أمنها وسلامة مواطنيها من الفلسطينيين وغيرهم مقاتلين غير شرعيين، رغم أن هذا السلوك يشكل انتهاكًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية السكان المدنيين في زمن الحرب، كما ينتهك، على نحو خطير، معايير المحاكمة العادلة والحماية الواجب توافرها للمحتجزين والمعتقلين، بموجب قواعد القانون الدولي، ويظهر مرة أخرى طبيعة «القضاء الإسرائيلي» الذي يوفر غطاءً قانونياً لما ترتكبه قوات الاحتلال من جرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وعليه فإن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» تتعامل مع كل من تلقي القبض عليه، سواء خلال العمليات العسكرية أو المداهمات والاجتياحات، وفقاً لقانون مقاتل غير شرعي، وهذا يعني أنه لا تنطبق على من تعتقلهم بموجب هذا القانون قوانين جنيف للأسرى، وبالتالي يحرم المعتقل من كل حقوقه الأساسية المتعارف عليها وفقاً لاتفاقيات جنيف. وبناءً على هذا القانون ترى «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» أنها غير ملزمة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كما ترفض الاستجابة لمطالب السلطة الوطنية الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية بالكشف عن أعداد وأسماء كافة المعتقلين لديها، أو بيان مكان احتجازهم، وترفض زيارة المحامين لهم، أو تقديم مساعدات ومعونات مالية لهم، وترفض أن تكون لهم حقوق كتلك التي يتمتع بها الأسرى في السجون و«المعتقلات الإسرائيلية»، وطالبت المؤسسات الحقوقية الدولية والفلسطينية بضرورة وقف هذه الجريمة ضد الأسرى، وإلغاء هذا القانون الذي يخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية، وإطلاق سراح الأسرى الذين انتهت فترة حكمهم، إلا أن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي» ترفض الاستماع إلى اعتراضاتهم وتصر على مواصلة العمل بهذا القانون طالما أنه يخدم سياساتها.


