أنت هنا

قراءة كتاب حلم المساء الأخير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حلم المساء الأخير

حلم المساء الأخير

رواية (حلم المساء الأخير)؛ انحنت كاندي إلى الأمام، وبدت عيناها البنيتان الكبيرتان صادقتين وهي تقول: "اسمعي! مرّ على وجودك في لندن ما يزيد عن الشهرين وها هي أمسية رائعة من شهر حزيران، فالأجواء لطيفة وجميلة جداً كأنها تدعو المرء إلى الخروج من المنزل.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

يا له من أمر مضحك! منذ وقت طويل تقبلت جينا مغازلات هاري على أنها لا تعني شيئاً البتة، لكن وتيرة تنفسها أخذت تتسارع رغماً عنها. قالت بنبرة صوت سطحية: "آسفة. لكنني وضبت حقائبي مسبقاً".
- يشعر والدي بالحزن لرحيلك، كما تعلمين.
تمشى هاري داخل الغرفة، فربض على حافة مكتبها وثبّت عليها نظرات عينين رماديتين بلون الدخان. حاولت جينا أن تتجاهل ضربات قلبها التي تسارعت بجنون لدى اقترابه منها، لكنها فشلت. قالت بحدة: "من الجميل أن أعرف أنه آسف لرؤيتي أرحل، لكنني أعتقد أن هذا كل ما في الأمر، هاري. لأن سوزان برهنت عن جدارتها للقيام بالعمل، كما تعلم".
سوزان ريتشاردز. إنها شقراء جذابة، وتمتلك جسداً تتمنى أي عارضة أزياء الحصول عليه. إنها في الواقع، تناسب ذوق هاري تماماً. عاد هاري إلى المملكة المتحدة بعد تعرض والده لأزمة قلبية، فاستلم المزيد من أعباء أعمال دايف برايدون خلال الاثني عشر شهراً الماضية. أما جينا فسمعت كل ما يتم تداوله من شائعات في الشركة حول صديقاته الحميمات المتعددات واللواتي يقال إنهن شقراوات نحيلات. أما هي فصهباء، ولطالما سخر منها زملاؤها في المدرسة وأطلقوا عليها لقب "رأس الجزرة". لكن جينا تحب خصلات شعرها المائلة إلى اللون الأحمر القرمزي. ومع أن شكل جسدها الممتلئ الشبيه بشكل الساعة الرملية كان رائجاً في زمن مارلين مونرو، إلا أنه لم يعد كذلك الآن. سألت نفسها بصمت، لماذا إذاً وقعت في حبه وأنت تعلمين ذلك؟ هي تعلم أيضاً أنه زير نساء فهو يحب النساء إلاّ أنه يتخلى عنهنَّ بسهولة. طرحت هذا السؤال على نفسها مئات المرات خلال السنة الماضية لكنها لم تهتدِ البتة إلى الجواب المنطقي. مهما يكن، فالحب لا يعمل حسب المنطق العقلاني. جل ما تعلمه هو أن هذا الشعور الذي بدأ بإعجاب بسيط قلب كيانها رأساً على عقب، فراح ينمو بسرعة ليصير حباً ملازماً يستهلكها كلما تسنت لها معرفته عن كثب. أما بالنسبة إلى هاري فهي بكل بساطة ليست أكثر من سكرتيرة يتشارك فيها مع والده. أقرت بأنها شخص يحب هاري تبادل الأحاديث والثرثرة معه، كما أنه يلاطفها أحياناُ، لكن هذا ما يفعله مع أي امرأة غيرها في النهاية.
- ظننت أنك لم تحبي لندن حين ارتدت الجامعة هناك. أذكر قولك إنك بالكاد طقت صبراً حتى عدتِ إلى ديارك.
عبست جينا وصححت له بهدوء: "قلت إنني سررت لعودتي إلى الديار، لكن ذلك لا يعني أنني لم أعجب بالمدينة".
حدّق هاري بها للحظة قبل أن ينهض عن مكتبها ويهب واقفاً، قال لها بنبرة منطقية جعلتها ترغب في ضربه: "حسناً! إنها حياتكِ أنت. أنا فقط آمل ألاّ تندمي على ذلك. هذا كل ما في الأمر. فالمدن الكبرى تجعلك تشعرين بالوحدة".
أومأت جينا برأسها وقالت: "أتعني ذاك القول المعروف حول كونك محاطاً بالكثير من الأشخاص لكنك لا تعرف أياً منهم؟ الكثير من الأصدقاء الذين تعرفت إليهم أيام الجامعة يقيمون في لندن، فلا مشكلة لدي بهذا الخصوص. على أي حال أنا أتشارك شقتي مع فتاة أخرى. لن أعيش بمفردي".
لم تضف جينا أنها تشعر بالكثير من الذعر حيال ذلك الأمر. فقد اعتادت العيش في منزلها الخاص خلال السنوات الست الأخيرة، وهي شقة صغيرة ذات موقع جميل استراتيجي في الطابق العلوي من منزل كبير يقع على حدود البلدة، ويطل على منظر النهر الجاري فيها. بعد أن كانت تقيم مع والديها فكرت في امتلاك منزل خاص بها كي لا تبقى مضطرة إلى الرد على أسئلتهما وتبرير تصرفاتها أمامهما. فضلاً عن ذلك يمكنها أن تمتع نفسها خلال عطلات نهاية الأسبوع فتستيقظ حين ترغب، وتأكل الطعام حين تشعر بالرغبة في ذلك. لكن استئجار منزل في لندن هو أمر مختلف تماماً عن استئجار منزل في يوركشاير. مع أن وظيفتها الجديدة تدر عليها راتباً جيداً، لكنها لا تستطيع تحمل نفقات منزل خاص بها.
سار هاري متجهاً نحو الباب وهو يقول: "لا تنسي أن تتركي لي عنوانك الجديد. فقد أتصل بك في المرة المقبلة التي أذهب فيها إلى العاصمة. ولعلني سأرتمي لأنام على أريكتك لليلة واحدة".
عليك أن تقتلني أولاً! لكن جينا استنشقت نفساً عميقاً وأخرجت الكلام بشكل عادي قائلة له بغير اكتراث: "حسناً!"

الصفحات