قراءة كتاب مسافر بلا حلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مسافر بلا حلم

مسافر بلا حلم

رواية (مسافر بلا حلم)؛ صعدا الدرج الحجري الدائري بصمتٍ إلى غرفتهما. أمسك نك يدها لكنها ظلت تتقدمه بخطوةٍ أو اثنتين. شعرت أن لمسة يده منحتها ارتياحاً كبيراً، وهي تحتاج إلى الراحة في هذا الوقت. شعرت أيضاً أنها أقدمت على أفظع شيء في حياتها.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

_ أنا لا أفعل.
_ آه! أنتِ تضعفين. أستطيع أن أرى تصدّعات الضعف بوضوح. أنسيت الطريقة التي عاملك بها قبل مغادرته؟
لا، لم تنسَ. تذكرت كل تفاصيل ذلك اليوم ألذي ألقى فيه مفاجأته المذهلة؛ عمله كمصمم أفلام ذات تأثيرات خاصة للتلفزيون وللسينما بدأ يلقى نجاحاً عظيما بعد سنوات من بقائه نجاحاً عابراً. بدا فعلاً أن ما يقوم به ليس فقط التسكّع في السقيفة الواقعة عند طرف الحديقة مع قطع قليلة من المعدن والأدوات المطاطية. بعد أن قام بتصميم إعلانين عاد التلفزيون وطلب منه أن يتولى إعداد التأثيرات لفيلم جديد منخفض الميزانية. خلافاً لكل التوقعات، لاقى الفيلم نجاحاً باهراً وأصبح نك مشهوراً جداً. كانت أديل ونك راضيين في تلك المرحلة. استطاعت أديل أن تتكيّف مع دوامات عمله الغريبة ومع فكرة اختفائه لأيام عديدة ثم وصوله إلى المنزل غالباً من دون إنذار في الساعة الرابعة صباحاً. لو أنها عرفت إلى أين سيقودهما ذلك كله، لما شعرت بذلك السرور والإثارة تجاه ما يقوم به من أعمال.
في أحد الأيام، دخل نك إلى مكتبها كالإعصار وأعلن الخبر الكبير بابتسامة عريضة جداً على فمه، ما جعلها تظن أن وجهه سينقسم إلى نصفين؛ لقد حصل على عمل ضمن مشروع كبير في هوليود ، هو عبارة عن فيلم يتضمن أحداثاً خيالية مستقبلية. أخبرها أن أمامه خمسة أيام فقط ليوضب أغراضه ويذهب إلى كاليفورنيا ليلتقي بالمخرجين، وإذا أحبوا عمله، يجب عليه أن يبدأ فوراً.
منذ ذلك الوقت بدأت الأمور تسير بطريقة خاطئة. انشغل نك كثيراً في الأشهر التالية، فشعرت أديل أنها عزباء مجدداً. كان الدليل الوحيد لعودته إلى المنزل هو تلك الرسومات الهشة على هوامش تقارير أديل ، والتي كانت تراها حين تستيقظ صباحاً. بعدئذ أرادها نك أن تترك وظيفتها وتنتقل معه عبر العالم. لكن شعرت أديل، ولأول مرة في حياتها أن لديها جذوراً، بيتاً وهدفاً. لا مجال لأن ترمي ذلك كله خلف ظهرها لمجرد نزوة. آن الآوان كي تعارضه وتتمسك برأيها. وقع بينهما شجار كبير، هو الأسوأ بين شجاراتهما، حيث وضعا النقاط على الحروف. وحتى حين صرخت أديل: "اقبل بالوظيفة السخيفة إذا كنت تظن أنها مهمة حقاً". لم تتوقّع أن يأخذ كلماتها على محمل الجد، ويغادر على متن أول طائرة.
صوت منى أعاد أديل إلى الواقع مجدداً. قالت لها: "هيا، يا فتاة! عليك أن تتحلّي بالقوة".
أجابتها أديل بصوت بائس: "أنا قوية".
على الأقل هذا ما أرادت أن تكون عليه. لكنها في الواقع بدت منهكة بعد تظاهرها بالشجاعة لشهور طويلة من دون نك. الفترة اللاحقة لمغادرته المنزل بدت الأسوأ في حياتها، وهي لن تعطيه الفرصة ليعيدها إلى وحدتها ومعاناتها. سوّت أديل جلستها أكثر وقالت: "لا. أنتِ محقّة. من يحتاج إلى الرجال؟ سحقاً لهم!"
_ والآن، ماذا ستفعلين مع ذاك المتهوّر الذي يغفو في مطبخك؟
سوف تجعله يجلس بانتظارها حتى الأسبوع القادم برمية من قوانينه الخاصة!
يا لها من فكرة مثيرة! يجب عليها أن تشجّع ذلك الشعور وتجعله ينمو ويصل إلى أوجه، فلا تفعل ما تتوق جداً إلى فعله... وهو الاستعجال للوصول إلى المنزل كي تراقبه أثناء نومه، ثم تعانقه حتى يستيقظ فتعبّر له عن اشتياقها. لكنها لا تستطيع أن تضعف هكذا... لا... لن تفعل!
قام نك بما وعد ألاّ يفعله البتّة: لقد تركها. حسناً! لن تعطيه الفرصة ليؤذيها بالطريقة نفسها مجدداً. على الأقل، هذا ما فكر به عقلها، أما قلبها فلديه برنامج مجنون خاص به.
هزّت أديل رأسها، وقالت: "أفترض أنه يجدر بي أن أذهب وأتكلم معه في وقت ما، إلاّ أنني لا أستطيع أن أواجهه الليلة. فحين يواجهني نك دون أن أكون مستعدة، ينتهي الأمر بي دائماً إلى الموافقة على أحد مخططاته. لذا أحتاج لأن أكون مستعدة، وقادرة على التركيز".
إنها لا تستطيع أن تدعه يدرك أنه لا يزال يملك تلك القوة التي تجعلها ترتجف كلما اقترب منها، فقد يستعمل هذه القوة ضدها، ثم يجعلها تعتقد أن الأمل بعودتهما إلى بعضهما موجود ويفشل الخطة التي وضعتها لحياتها. إنه أمر محتوم. تحتاج أديل إلى حماية نفسها. عليها أن تجعل نك يعتقد أنها محصنة تجاهه كلياً، ومن المستحيل أن تقنعه بهذا الليلة. إنها لا تزال تحت تأثير الصدمة، ومن المرجح أن تقوم بشيء أحمق كأن تقول له إنها كانت تمزح بشأن الغرفة الشاغرة الإضافية...
قالت منى: "ابقي هنا الليلة".
_ شكراً! أنتِ منقذتي.
حملت منى بيثاني التي بدأت تبكي بكاءً هادئاً، ثم وقفت وقالت: " تعالي يا صغيرتي. حان وقت النوم".
استدارت مباشرة قبل أن تخرج من باب غرفة الجلوس، وسألتها: "هل يعرف عن... تعرفين؟"
شبكت أديل أصابعها ببعضها البعض وشدّتها حتى آلمتها مفاصلها، وأجابت: "لا! لم أخبره".

الصفحات