أنت هنا

قراءة كتاب نور القمر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نور القمر

نور القمر

رواية "نور القمر" للروائية السودانية أميمة العبد الله، هذه الرواية التي غزت العالم العربي ولم تستطع كاتبتها الحصول إلا على ثلاثة نسخ منها؛ رواية تمرّد نصها الروائي على مستوى الشكل، واعلن تمرده على أشكال وطقوس السرد كما تمارس في حضرة السلطة والثقافة السائدتي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
أمي تعمل مع البقية، يجمعن الأشجار المقطوعة بعد تنظيفها وربطها في حزم لتخزينها، رائحتها تعبق الجو وتحفز الجميع للعمل، إحساس الاستقرار أسعد الكل.
 
بدأت أمي في ممارسة هوايتها التي انقطعت عنها زمنا طويلا، أحضر لها سيدي بعض الأقمشة الرخيصة الثمن – لأننا لم نكن نملك مالاً يكفي – خاطت ملابس لكل أطفال الجزيرة ومن جلود الماعز المذبوحة صنعت أحذية.
 
رعينا الماشية وبنينا أقفاص دجاج لتأمين الغذاء للجميع وكنا نطحن الذرة بانتظام، بذل الجميع جهودا عظيمة لتأسيس الجزيرة، أنا أيضا كنت أعمل بلا كلل، لم أفقد المقدرة يوما على اختراع مشاريع صغيرة يأخذ تنفيذها عدة أيام، كنظافة الممرات التي تفصل الكرانك عن بعضها أو زراعة أحواض إضافية من البرسيم كنت أسعد كثيرا لخدمة الآخرين، كنت أرى في الابتسامة التي أحظى بها عقب كل معروف أقدمه لأحد سعادة تزيدني طولا ذلك كان يسعد أمي المتواطئة سراً مع التقليد القائل أن المرأة وجدت لتعمل.
 
وضع سيدي نظاما تكافليا تعاونيا، جعل جميع سكان الجزيرة يعيشون كأسرة واحدة، ألّف بين قلوبهم، كان يقول:
 
- أنا لم أفعل الكثير فقط نظمت العلاقات بيننا والأرض.
 
لم يشعرنا يوما أننا نعمل تبعا لما يأمر. نستيقظ وحدنا مع الفجر، بعد أداء الصلاة ومع ظهور أول خيط ضوء يذهب كل إلى عمله، كنت أسقي الدجاج مع أمي ثم ننظف أحواض الخضار، تكون بعد ذلك جلبة إعداد الطعام قد بدأت، أجلس في الظل أراقب مهارة الأيدي في نظافة الذرة والعيش الأبيض وطحنهما ومن ثم عجن العيش الأبيض بعد تخميره على النار حتى يصير عجينة متماسكة تسمى عصيدة وهى الوجبة المفضلة لدى الجميع لسهولة الحصول على مقوماتها، كذلك سهولة صناعتها؛ مع ذلك لم تكن الغذاء الوحيد، كان الطعام يصنع مرة واحدة في اليوم حتى لا نستهلك الحطب، لكن سيدي كان يعطف علينا نحن الأطفال ويقول يجب أن نطعم حالما نجوع . عصرا كنت أذهب مع أمي لمساعدتها في الخياطة وقد علمتني بصبر حمار كيف أمسك الإبرة وأخيط بها.
 
- تعلُّم صنعة لن يضر البتّة.
 
علمتني كيف أنظف حبات البن والذرة وأطحن العيش وأراقب الفرن وأطعم الدجاج وأميز المريضة منها ومن ثم أعزلها، من كل شيء قليل مما أهّلني لتحقيق طموح كان سيقتلني إن لم أوظفه بدقة ودراية،ما تعلمته منها جعلني ماهرة في الخياطة وصناعة الطعام وبالتالي صرت ذواقة للأكل، كأنها كانت تعلم، دربتني على حياة كانت تنتظرني في مكان ما. وما كتبت هذه المذكرات إلا لسردها.

الصفحات