أنت هنا

قراءة كتاب نور القمر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نور القمر

نور القمر

رواية "نور القمر" للروائية السودانية أميمة العبد الله، هذه الرواية التي غزت العالم العربي ولم تستطع كاتبتها الحصول إلا على ثلاثة نسخ منها؛ رواية تمرّد نصها الروائي على مستوى الشكل، واعلن تمرده على أشكال وطقوس السرد كما تمارس في حضرة السلطة والثقافة السائدتي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 7
الجزيرة كلها كانت على مستوي اقتصادي واحد، إذ لا أهمية للركض خلف جمع المال كما الآن، فلا لهفة مال ولا خوف فقر، الكل سعداء بالكفاف ولا برهان على ذلك إلا حياة المودة التي أذكرها بوضوح.
 
كان نظاما طبقيا مدهشا، رغم نشأتي بمجتمع ذي طموح خجول إلا أنني لم أكن كذلك، وحدي الثائرة الباحثة في الخفايا لي أحلام يقظة ورغبة في خوض مياه النيل لبلوغ الضفة الأخرى لأذهب حيث سفر سيدي، لكن ذلك بالطبع لم يكن يعني أنني لا أحمل صفات المرأة المحتشمة، دربتني أمي على السلوك القويم بصرامة، كما علمتني الاحتشام في ملابسي وكلامي، إلى الآن أنا كذلك، عموما مهما بلغ بي حد التمرد فإنَّ معظمه كان حلماً في قلبي لأنَّ الاعتدال في السلوك كان أساسيا في جزيرتنا، اجتهدت أن تعلمني كيف أكون أمّاً صالحة – أظن أن عينيها ستضيقان غضبا إن علمت أن جهدها لم يثمر عن أحفاد، لكني كنت مدبرة منزل ماهرة بشهادة سيدي والجميع.
 
** ** **
 
حطّ الظلام على قلبي كرداء ساتر لدموعي وأنا أكتب هذه المذكرات، الحنين لا يتركني هادئة أبدا، يضغط على ذاكرتي، ينوح داخلي كما الإعصار، يبكي أناسا كانوا سنادا ومعينا لمسيرتي، كل أحببته على طريقته، أخاف بداية تدوين حياتي وأنا مثقلة هكذا بالحزن،أغرق في مستنقعه دون أمل. مشاوير طويلة قطعتها مع سيدي ذلك الرجل الذي اعتبره الكل استثنائيا، ولولاه لما كنت كما أنا الآن، بزخم أحداث ثريّة، وبقدر جيد من التعليم ودراية بعلم طب الأعشاب، أمور كثيرة لا بدّ من الحديث عنها والحكي، لكن الحنين يمنع عني التحري والدقة، يشوش على ذاكرتي خاصة أن كل الذين عبروا حياتي وأقاموا فيها زمنا رحلوا، أمي، عم نورين، مصلح وسيدي الإمام عبد الرحيم الذي كان أكثرهم استيطاناً فيّ، وبفضل ما تركه لي من أرث مدون في وصيته صرت ثرية وأعيش كما الأمراء وأنا على خريف.
 
في إحدى المرات أخبرني:
 
- لن أتركك يا نور القمر وسأعمل جاهدا لتنفيذ وصية أمك وأكفلك إلى آخر يوم في حياتي.
 
لكنه كفلني ميتا أيضا.
 
أنا موقنة أن روحه الفاضلة تحلق فوقي لتحميني من شرّ قد يتربص شيخوختي، روحه دوما قربي حية لأعيش ما تبقى من عمر بسلام.

الصفحات