كتاب " مقامات الولاية وأحوال الأولياء " ، تأليف قاسم أحمد عقلان ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب مقامات الولاية وأحوال الأولياء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقامات الولاية وأحوال الأولياء
مقدمة
الحمد لله الذي أنـزل الكتاب بالحق والميزان ليقوم الناس بالقسط, فقال سبحانه وتعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنـزلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنـزلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ( 1, فالميزان النازل من الحق سبحانه وتعالى يتضمن كل ما يوزن ويعرف به خصائص ومقادير الأشياء, الحسية والمعنوية، ما تماثل منها ويتجانس, وما لم يتماثل ويتجانس, كمعرفة القلوب وأحوالها, وما فيها من صفات وخصائص العلم والإيمان، الغير مدركة بالحواس المادية, فهو مما يعرف ويوزن بميزان الحق سبحانه وتعالى المنـزل في كتابه العزيز، والمفصل في سنة رسوله الخاتم محمد (, فكل خطاب تضمن معنى أو خصلة، وصفة مطلقة، أو مقيدة محددة معلومة؛ فهو دليل يستدل به على الإيمان، ويوزن به شعبه ودرجاته، ومقاماته ومظاهره, ومبشراته, وأنواره في سائر المؤمنين.
والصلاة والسلام على الخاتم المعصوم محمد ابن عبد الله (، وعلى جميع آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد:
- فإن كتاب مقامات الولاية, يقصد به تجديد الإيمان في قلوب المهتدين، قال الله تعالى: (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (2, وقال: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ( 3, فمن هدي قلبه للإيمان, وتحقق به, وقامت في صاحبه حقائقه وتذوق حلاوته؛ هداه الله عز وجل هداية أخرى خاصة به، هي: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( 4, (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ( 5, فهي هداية المعرفة بالحق سبحانه وتعالى، ثم القرب منه ونيل مقام الولاية، ودرجة القرب الخاصة بالأبرار والمقربين, دون عامة المؤمنين المهتدين للإيمان عموماًً, فالإيمان اسم شرعي يطلق ويراد به مسمى الإيمان المصطلح المتعارف عليه عند جمهور أهل السنة والجماعة، وَحَدُّهُ عندهم: (تصديق القلب الجازم, ونطق اللسان به, وعمل الجوارح بمقتضاه), لكن هذا المعنى المسمى بالإيمان يزيد وينقص, يقل ويكثر, يثبت ويتغير, يذهب ويعود, تختلف أسبابه ووسائله ومظاهره, بحسب الفعل والفاعل ومحل الفعل، وقصد الفاعل من الفعل, فمن المؤمنين من يقصد بعمله, طلب الحظوظ العاجلة والآجلة من ربه؛ ومقامه حيث وقع قصده من عمله، وفي هذا قال الحق سبحانه وتعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ(6, وقال: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ( 7، وحق على الله تعالى أن يعطي كل مؤمن أجر وثواب عمله الصالح تفضلاً منه وكرماً وليس حقا فرض عليه من عبده, فالعبد وعمله من خلقه، قال الله تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ( 8, وقال: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ( 9, وقال: ( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين(10, وقال: ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنـزلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ( 11.
- ومن المؤمنين من يقصد بعمله الصالح, التعرف على خالقه, والتحبب والتقرب والتودد إليه, لتحصيل لذة الحب والأنس والشوق والقرب إلى سيده ومولاه وخالقه سبحانه وتعالى، القائل: (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ( 12, والقائل: (وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ( 13, والقائل: (وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ( 14, والقائل: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( 15, فهو سبحانه يعطي من قصد ذاته بالطاعة والأعمال الصالحة أجره بدون حساب, فوق ما يتصوره العبد أو يحتسبه ويكتسبه, ويعطيه مطلوبه ومقصوده, وهو الحب والقرب والاجتباء, فيتولاه, ويحبه ويختاره كي يكون من خواص أحبابه الأخيار فيكون في سائر أحواله العاجلة والآجلة في محل العناية الإلهية الخاصة بأوليائه المقربين, ويجعل مقامه ودرجته في درجة ومقام المقربين وليس مقام عامة المؤمنين, قال تعالى: (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ(16, وقال: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ( 17, فالكتاب, تضمن أهم قواعد وضوابط السير إلى بلوغ أعلى مراتب ومقامات الإيمان والتقوى, في ضوء نصوص الكتاب والسنة, وفهم سلف وخلف هذه الأمة, بأسلوب سهل يفهمه كل من أراد وطلب مقام الإيمان وجاهد نفسه واستعان بربه لتحصيل مقام المعرفة والقرب والإحسان, نسأل الله تعالى أن ينفع به, وأن يرزقنا وكل المؤمنين حسن القصد عند كل همّ وقصد وعزم وعمل, والله الموفق والمعين وحده.
مـن أيــن أرضيك إلا أن توفقني
***
هيهات هيهات ما التوفيق مـن قبلي
إن لم يكن لــي في المقدور سابقة
***
فليس ينفع ما قدمت مــن عملي