كتاب " البحر - التليسي موسوعة وريادة " ، تأليف مجموعة مؤلفين ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب البحر - التليسي موسوعة وريادة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
البحر - التليسي موسوعة وريادة
كلمة الدكتور سليمان الغويل .
كلمة الأخ / أمين اللجنة الإدارية لمجلس تنمية الإبداع الثقافي ،
الدكتور/ سليمان الغويل
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الحضور ، من ضيوف ومشاركين ، وأدباء ومثقفين …………
تحية طيبة مفعمة بكل معاني الود والتقدير ، والحب الكبير ، أقدمها إليكم مشفوعة بمثلها من زملائي بمجلس تنمية الإبداع الثقافي .
وتحية خاصة للأخ أمين المؤتمر الشعبي ، وأمين اللجنة الشعبية بشعبية بنغازي، والأخ منسق عام القيادة الشعبية بشعبية بنغازي ، وقناصل الدول الشقيقة والصديقة، الذين أجابوا دعوتنا وتشرفنا بحضورهم معنا .
ضيوفنا الأحباء ، وأبناء وطني الأعزاء..
إني بفؤاد ملؤه الغبطة والسرور ، والبهجة والحبور ، أقف اليوم أمامكم لندشن معكم وبكم هذا المحفل الرائع ، الذي يحمل في ثناياه أسمى المعاني ، وأرقى السجايا ، وأنبل القيم . نحتفل اليوم بالوفاء في بلد الوفاء ، لكل من أجزلوا العطاء لبنى وطنهم وأمتهم ، ثلة الشرفاء الأنقياء القدوة في التألق والإبداع ، والبذل بسخاء وكبرياء .
وأي مشهد أكثر سعادة وبهجة من مشهد التكريم لمثل هؤلاء ، وأن يرى المرء بأم عينه أعياد الوفاء لأهل الوفاء وعظيم العطاء ، وهذا الزخم الرائع من المعنيين بالشأن الإبداعي والمشهد الثقافي في جماهيريتنا الحبيبة .
ولا غرو في أن الأستاذ الأديب الكبير الدكتور خليفة محمد التليسي حريٌّ بهذا الوفاء والتكريم ، وهو الذي قدّم حياته كلهاـ ومازال ـ خدمة لوطنه وأبناء أمته في أشرف المجالات وأنفعها ، ألا وهو مجال الأدب والثقافة والفكر ، وقدم للمكتبة الليبية والعربية والعالمية خلاصة جهده وإبداعه ، في باقة رائعة من المؤلفات القيمة ، في كثير من حقول المعرفة ، في التاريخ والأدب والنقد والترجمة والشعر ، كان آخرها عمله الموسوعي الراقي (النفيس من كنوز القواميس ). لكل ذلك وفوق ذلك الكثير استحق هذا الجهبذ والعلم الكبير هذا الوفاء والتقدير ، وكان لثورة الفاتح العظيمة قصب السبق بتكريمه وعدد من أقرانه في أعياد يوم الوفاء. وعرفاناً بمكانته الأدبية كان له شرف التكريم في بعض الدول الشقيقة والصديقة.
وإننا لنزهو على الدنيا ونفتخر ، بأننا نعيش في حضارة وفي بلاد قد جعلت من التكريم والوفاء سنة حميدة ، وتقليداً راقياً، وعيداً وطنياً يحتفل به كل سنة ، فتحية لمن سنّ هذه السنة الراقية وأرسى دعائم هذا التقليد النبيل ، وجعل منه يوماً وطنياً يلتقي الشعب جميعاً لاحيائه وتكريم النجباء من أبنائه .
فالدولة التي تهمل مواهب أبنائها وإبداعاتهم وتضحياتهم ليست جديرة بما يقدمه هؤلاء الأبناء من عطاء ، والعقول الفذة والعبقريات لا تزهو ولا تتفتح وتتألق إلا بالاحتفاء بها وإعلانها على الملأ ، والإشادة بأهلها وتقديمهم للاضطلاع بمسؤوليات الشأن العام وميادين البناء والعطاء .
إنّا نُدْعى بحق ديمقراطية ؛ لأن الحكم في بلادنا للشعب ، لا للفرد أو النخبة، والقانون يضمن للجميع العدل وتكافؤ الفرص ، إلا أنَّا لا نضيع حق التفوق والفضل . فإذا نبغ مواطن من المواطنين كان له علينا حق التقدير والتكريم ، لا امتيازاً له عن الآخرين ، وإنما تقديرا للنبوغ والتفوق والإبداع .
لاغرو في أن ذلك بحكم الطبيعة هو شأن القلة من أصحاب الهمة والقدرات الجمة . وعندما يقوم الشعب بهذا العمل الأثير إنما يكرّم نفسه ، ويكون هو المستفيد الأول والأخير، فثمرة هذه الإبداعات والمكرمات تشكل في عمومها تراثاً عاماً للشعب ومعيناً لا ينضب ، وأملاً وقدوة حسنة لجيل المستقبل.
إن إقامة هذا التقليد النبيل وإحياء هذه السنة الحميدة في كل عام ، من شأنه شحذ الهمم لمزيد من العطاء والإبداع ، والعمل من أجل الظفر بهذا المجد والتكريم ، وبذلك تجنى فوائد كثيرة شخصية تعود على المحتفى به نفسه ، وعامة تعود على أبناء المجتمع قاطبة ، كما أن الاحتفاء بقيمة الوفاء بما تحمله في ثناياها من معان سامية وسجايا نبيلة، من شأنه خلق نوع من الشفافية والوشائج الحُبيّة بين المواطنين وبين الدولة وإنسانها ، بما يحقق المزيد من البذل والعطاء والتضحية والفداء ، خدمة للدولة والأمة .
وإذا كانت الحكومات اللاديمقراطية لا تجد سنداً لها سوى خوف ورهبة الرعية، ولا شرف فيها ، ولا تقدير إلا للأباطرة والنخب ذات الجاه والثروة .
فحسبنا أن الدولة الرشيدة والديمقراطية الحقة ، لا تكون بدون هوية تحترم فيها الحرية وحقوق الإنسان الأساسية ، وتحقيق المساواة بين الأكفاء ، وتصان فيها الفضائل النبيلة ، ويكرم فيها أبناء الوطن النجباء ، وأصحاب العقول الفذة والإبداعات المبهرة ، والخدمات الجليلة والتضحيات الكبيرة ، في سبيل الوطن والأمة ، فليس من المنطق والعدل في شيء المساواة بين غير المتساوين ، وبذلك تكون المساواة المطلقة افتئاتاً على العدالة المستهدفة.
واعتماداً على ذلك ، وتكريساً لما أكدته مبادئ وتشريعات جماهيريتنا الحبيبة من قيم الوفاء والتكريم لأبناء الوطن ، من أصحاب العقول النيرة والتضحيات الجمة والإبداعات الراقية ، كان احتفالنا اليوم بالأديب الكبير الدكتور خليفة التليسي ، الذي كان للتاريخ من فكره القويم حظٌّ عظيم ، فكان من حقه على التاريخ أن يسطر اسمه في ذكرياته ، وأن تكون له مساحة مضيئة بين معالمه ورجالاته . وأن ينال هذا التكريم في وطنه وبين أبناء شعبه والمنتفعين بعلمه وآدابه ، وفاء له وللوطن الذي أحبه وأحبوه . فهنيئاً لأديبنا الكبير ، بهذا التقدير والوفاء الأثير الذي هو به جدير ، من هذا الجمع الكبير .
وكلنا أمل في المحافظة على هذا التقليد النبيل ، وأن تستمر هذه السلسلة المتصلة من الإبداعات والارتقاء ، في هذا الوطن المعطاء ، ويكون لكل مجتهد نصيب من التكريم والوفاء ، والمشاركة الجادة والمثمرة في حركة البناء والنماء ، وهكذا يتصل التقليد النبيل وتتوالى الشخصيات في التاريخ على تجدد وارتقاء ، وقد نكتفي من ذلك كله أن نلتقي كل سنة على المودة والإخاء ، وابتعادا عن النرجسية والأنا ، والاحترام الدائم لتميز ونبوغ الآخر ، إذا ما التقينا وتبادلنا أنبل الأفكار ، وأرفع المشاعر والمبادئ الكبار وابتعدنا عن سقط المتاع ورخيص القول ، والهنات الصغار ، وغرسنا في كل مرة نبتة جديدة ، مهما صغرت فستتحول مع الزمن إلي سنديانة عتيدة . أو نسجنا قطعة من نسيج لبيتنا الذي نحلم به لأجيالنا المقبلة ، قطعة وان لم تكن خيوطها من الحرير والذهب ، فيكفى أن تكون بمتانة وصدق خيط الوبر . بمثل هذه المحافل والمكرمات نستطيع تحقيق الكثير من الإبداعات والإنجازات ، ومنافسة الكثير من الشعوب والحضارات ، وعساي أن أكون قد أطلت طمعاً في حلمكم ، وسعة صدركم ،ولا يسعني في الختام إلا أن أرجو لجميع ضيوفنا الأعزاء إقامة طيبة في مدينتهم العامرة ، مدينة بنغازي المبتهجة بوجودكم في أحضانها وبين أهلها ، هذه المدينة المتميزة بكرم الضيافة وسمو الثقافة ، والحنين الذي يشد كل من حلّ بها إليها وان طال زمن ترحاله وانقطاعه عنها ، وهذا ما أكده أديبنا الكبير المحتفى به في هذا اليوم ، من خلال حرصه على إقامة حفل تكريمه بمدينة بنغازي دون غيرها ، مذكراً بما كان له من ذكريات طيبة وأيام حافلة بكثير من المكارم التي لا تنسى من أهلها .
والسلام مع كل التقدير والاحترام
د.سليمان صالح الغويل
أمين اللجنة الإدارية لمجلس
تنمية الإبداع الثقافي