كتاب " البحر - التليسي موسوعة وريادة " ، تأليف مجموعة مؤلفين ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب البحر - التليسي موسوعة وريادة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
البحر - التليسي موسوعة وريادة
حول تقديم التليسي لروائعه من الشعر العربي
لقد آمن التليسي إيمانا عميقا بتراث أمته العربية ، وانتبه إلى ما فيه من جوانب فنية باقية خالدة تعبر عن نفسه الإنسان ومعضلاته الإنسانية وتعبيره الصادق عن سمات الشخصية العربية في بعديها القومي والإنساني في صراعها العظيم في بحر الودود وأمواجه المتلاطمة .
وإذا كانت أشعار الشعراء في تعبيرها عن تجاربهم الذاتية تبدو متنوعة وذات صور متعددة فإنها من ناحية أخري تعبر عن أمر واحد هو عبقرية الأمة العربية وشعرها الخالد الذي لا يزال ناضرا في صورته المشرقة التي تبدو واضحة لكل من عاني تجربة البحث عن هذه الجواهر المطموسة واللمحات الخاطفة العابرة التي هي في الواقع لب الشعر وجوهرة .
وما الدواوين والاختيارات الشعرية إلا ثروة هائلة غنية بأتم معاني المعاصرة وتنبئ عن معرفة القدامى بالتجربة الشعرية وبالنماذج العليا المعبرة عنها وهي نماذج راقية تدل علي ذوق صاف رفيع مؤثر وتزخر بالمشاعر والعواطف والأفكار والمواقف مما يدل علي ان الأدب العربي أدب حياة وهو يحتاج من إلى العناية به وروايته وتلقينه للنشئ تربية لوجدانهم وتقوية لتعبيرهم وترسيخا لفهمهم فهو مدرسة للقومية العربية في أوسع قيمها الأخلاقية وأكثرها رحابة وسموا و ارتفاعا وفيها التعبير عن الوجدان الحضاري العربي و بخاصة ما كان خاليا من الاحتراف والارتزاق إلى التعبير عن الذات في لمحات خاطفة قصيرة مؤثرة .
وإذا كانت الحضارات الأخرى قد خلفت للإنسانية آثارا مشهودة فإن الحضارة العربية ق خلفت لنا ديوانا عربيا حوى كل القيم الوجدانية التي عاش لها العربي وأخلص لها وذاد عنها وآمن بها ودعا إليها.
ولقد حظي الشاعر بمكانه عظيمة عبر العصور فقد كان في نظر العربي حكيما وواعظا ومربيا ومرشدا وفيلسوفا ومبشرا بالقيم الأخلاقية الرفيعة وهو لم يغب عن نفسه وذاته بل كان حاضرا في شعره بوجدانه ووجدان أمته العربية حتى في أسوأ عصور الانحطاط لم يغب بالرغم من الضغوط القبلية التي كانت تحيط به بل إن التنوع الموضوعي الذي لجأ إليه في قصيدته القديمة
إنما كان وسيلة منه إلى الخلوص إلى نفسه هربا من هذه الضغوط فيدس موقفا شخصيا وجدانيا رائعا .
وقد سبقت التليسي وروائعه المختاره كثير من المختارات الشعرية بيد أنها كانت ذوات أغراض مختلفة وبعضها كانت لدراسة الشواهد النحوية واللغوية أو لعرض نماذج تأديبية ، وقد ظلت هذه المختارات حتى في جهودنا الحديثة لإحياء التراث قابعة حدودها المدرسية الأكاديمية ولم تمتد إلى دراسة الأسس التي قام عليها الاختيار وأثر هذا الاختيار في مختلف التيارات الشعرية التالية .
وما التدني الذي نراه الآن في مستوي الإبداع الشعري إلا ناشئا من عدم عنايتنا لتربية الذوق الشعري واكتشاف جانب المعاصرة فيه وكان علي الذين استلهموا الغرب في تجاربهم الشعرية أن يستلهموا منه أيضا العناية بعرض تراثهم الفني وانتقائه وتبسيطه ونشره علي المستويات الثقافية عامة .
وهكذا رأي التليسي أن يجمع مختاراته ترجمة للذوق والوجدان وتربية لهما وكشفا عن العناصر المكونة لكل مهما ومساعدة للنشئ علي تكوين ذوق وجداني وحس عاطفي ناضج والسعي لربط الصلة بن الأجيال السابقة والأجيال اللاحقة باكتشاف " المعاصرة " في نصوص تراثنا العربي القديم .