أنت هنا

قراءة كتاب البحر - التليسي موسوعة وريادة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البحر - التليسي موسوعة وريادة

البحر - التليسي موسوعة وريادة

كتاب " البحر - التليسي موسوعة وريادة " ، تأليف مجموعة مؤلفين ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 7

خليفة التليسى…" شخصية لاتبحث عن مؤلف (19) "

د. جمعة احمد عتيقة

لست في حاجة إلى التأكيد بأن رحلة الأستاذ الكبير خليفة التليسي عبر الكلمات كانت رحلة متميز ، ليس هناك أجمل وأدق في التعبير عنها أورده هو في مقدمة كتابة " رحلة عبر الكلمات – حين قال " إنها رحلة عبر دروب غير مطروقة وسبل محفوفة بالأشواك وطرق لم تكن آمنة ولا معبدة ولا تقوم علي جوانبها الأضواء والعلامات المرشدة … )

رحلة خليفة التليسي ومكابداته ومعاناته مع الكلمة تمثل أنموذجا فارقا وأمثولة سامقة ومعلما مضيا يعلم الاجيال معني العصامية المبدعة والتكوين الذاتي الرصين المغرم باستكناه الغوامض والخوض في المستعصيات تلك الخاصية التي رافقت رحلة خليفة التليسي منذ البواكير الأولي حين كان يخطو خطوت الابتداء في دنيا الأدب والفكر في بداية الخمسينات ، ومن القرن الماضي دارساً ومثابراً يلج دنيا الثقافة من أزخر وأعمق وأعقد أبوابها ناقدا ومحللاً ومحاضراً عن " الشابي شاعر الألم والحب " لتستمر هذه الرحلة الطبية وتتواصل عبر مساحة جاوزت نصف قرن من الزمان حتى تصل بصحابها إلى ما وصلت إليه … قامت عملاقة وعطاءات زاخرة وإحاطات غنية …

ولست في حاجة أيضا إلى التأكيد بأن دراسات خلفية التليسي النقدية والتاريخية واليت أصبحت موضوعا لدراسات تحليلية وأكاديمية وبنيوية قد شكلت مخزوناً وثروة وفكرية لم تعد معها هذه الشخصية في حاجة إلى البحث عن مؤلف بل ولا أبالغ إن قلت بأن خليفة التليسي يحمل بمكونات عبقرية وتعدد مواهبه " ست شخصيات لا تبحث عن مؤلف " حيث نجد فيها شخصية المؤرخ الأمين وشخصية الناقد المتميز … وشخصية المترجم الرصين والشاعر المبدع والمثقف الموسوعي ثم وشخصية التليسي الإنسان ، كل هذه التوليفة من الشخصيات التي ينتضمها عقد فريد في تناغم بديع لا إنفصام بينهما ولا ازدواج فيها … وكل ما يهمني هنا في هذه التحية المتواضعة التي لا تطمح في تقييم أو توصيف او نقداً فكرياً لأعمال هذه الشخصية التي عرفتها في مرحلة مبكرة من سنوات التكوين ، وشخصيا من خلال علاقته الحميمة بشقيقي الأكبر ، وكان ذلك منتصف ستينيات القرن الماضي بقدر ما هي محاولة للاقتراب منه ورصد علامة فارقة وسمة دالة وخصوصية يكاد ينفرد بها بين أدباء العربية .

تلك هي اهتمامه بالأدب الإيطالي عموما والروائي والمسرحي المبدع " لويجي براندللو " علي وجه التخصيص ، وهو محور هذه الورقة المتواضعة ، فالمتتبع والراصد لكتابات التليسي ومعالجات ودراساته وترجماته واهتماماته بالآداب العالمية يجد أن هناك بؤرة جذب ووشيجه شد تشده إلى أعمال هذا العلم الخلاق وهذه الموهبة المتفردة بل نستطيع أن نذهب إلى أبعد من ذلك فنقول بأن خليفة التليسي كان بوابة رئيسية فتحت الطريق وعبدته وساهمت بشكل متميز في تقدم هذا الكاتب الكبير إلى قراء العربية بعد أن كان مجهولاً أو شبه مجهول لا يعرف الناس عنه سوء شذرات ونتف وعناوين وقبل ان يلتفت إليه بعض الدارسين الذين نتبهوا إلى قيمة أعماله فيما بعد …

والسؤال الذي نطرحه في هذه المحاولة والذي نحاول أن نجد له ما يشبع علامة استفهامه يدور حول العلاقة بين " لويجي براندللو " و خليفة التليسي " ؟

وإذا كان كاتبنا الكبير قد طرح السؤال في مقدمة كتابه " كراسات أدبية " بالصيغة التالية " لماذا براندللو ؟ فإننا نضع للسؤال صياغة أخرى وهي " لماذا التليسي ….؟!

والأستاذ التليسي في إجابته علي السؤال المطروح ينطلق من عنصرية أساسيين يعتمدها تفسيراً لسر اهتمامه بأدب " براندللو " هذان العنصران هما :- " اللغة " … والتاريخ " فالعنصر الأول يتمثل في اهتمامه باللغة والذي دفعة إلى ان يهتم " بأقصر الطرق التي تساعد علي إدراك صيغ التعبير وبناء العبارة السليمة التي تؤدي للناس ما يريدون أن تؤديه في هذه اللغة الغربية لديه " ومن هنا جاء اهتمامه بدراسة نصوص براندللو من خلال بوابة اللغة كوسيلة للاتصال والإيصال والتواصل ، وخاص خليفة التليسي هذا الغمار بصبر ومعاندة وإصرار فالقي بنفسه في هذا الخضم اللجي متسلحا " بقادومة " الذي لا يعرف للاستسلام معني ولسان حالة ومقالة يقول .." لم تكن المرة الأولى التى فيها علي الجبل " بقاوم " عزائي في جميع الحالات أنني لن أن أخسر شيئا وإني سأكسب من ذلك تمرينا لقوتي وشحداً لإرادتي واصراراً علي الطواف بهذا الجبل مرة أولى وثانية وثالثة جتى اكتشف المفتاح او الثغرة التي يعمل فيها " القادم" ولأن التليسي كما أوردنا في بداية هذا المحاولة مغرم باستكناه الغوامض والخوض في المستعصيات فقد تسلح بالارادات وتسربل بالإصرار والعزم والعناد الخلاق وغالب خيبات الأمل المريرة التي رواته أمام صعوبة نصوص " براندللو" ونزعتها الذهنية وخلوها من زخرفات اللفظ وشاعرية الكلمة ومحسنات البلاغة ومنمنمات الشفافية …

وإيقاعات الوجدان ليواصل الإيجار بأشرعة الإصرار والإرادة في خضم " لويجي براندللو" … والعنصر الآخر الذي بورده كاتبنا الكبير في معرض إجابته علي السؤال المطروح يتمثل في وشائخ التاريخ ولحمة الثقافة وتواصل الحضارة …

الصفحات