أنت هنا

قراءة كتاب جوانب من الخدمات في مدن العراق القديم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
جوانب من الخدمات في مدن العراق القديم

جوانب من الخدمات في مدن العراق القديم

كتاب " جوانب من الخدمات في المدن العراق القديم " ، تأليف ياسر هاشم حسين علي الحمداني ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 3

التمهيد

قبل البدء بدراسة جوانب من الخدمات في العراق القديم لابد اولاً من اعطاء مفهوم واضح للخدمة, بوصفها عنوانا لموضوع البحث.

فالخدمة تعني وصفا للطرق النظامية التي تستعمل في تقديم العون والمساعدة للمحتاجين الذين لا يستطيعون بأنفسهم التغلب على المشاكل والازمات الحياتية التي تواجههم(1).

ويرى بعض الباحثين ان الخدمة (المدنية) هي مجموعة العاملين في مصالح الدولة عدا الدوائر العسكرية والنيابية, وذلك على النحو الذي يختص تشريع كل دولة, ونطاق الخدمة المدنية او الوظيفية العامة بهذا التحديد يتزايد تبعاً لازدياد تدخل الدولة(2).

وتفيد الخدمة معنى العمل الالزامي, واذا كانت السخرة بعنصر العمل الالزامي الذي تقترن به تقرب من العبودية, فأنها ستتميز عن العبودية بان العمل او الخدمة الالزامية فيها يتم في اطار مدة مؤقتة قابلة للتجديد, فبمجرد ان تنجز الخدمة فان المكلف لها سيكون باستطاعته ان يعود الى بيته ويستعيد عمله الخاص به, والخدمة بهذا المعنى سادت في العراق القديم مثلما سادت في مناطق اخرى من الشرق الادنى القديم(3), ويعتقد احد الباحثين ان الخدمة في العراق القديم كانت تشمل المواطنين, فكل المواطنين كانوا يجدون أنفسهم أمام واجب الاذعان للألتزام بتنفيذ خدمات المشاريع العامة, وهذا ما اكده احد الباحثين بقوله: "ان المشاريع العامة الكبرى ينجز القسم الاعظم منها عمال مسخرون", ويبدو ان فئة الاحرار فضلا عن العبيد كانوا يشاركون في اعمال الخدمة على اساس ان نظام الخدمة ما هو الا تعبئة قوى الجماهير في المجتمع لتنفيذ المهام المطلوبة, ومن دون شك ان فقراء فئة الاحرار في مدينة بابل وعبيدها كانوا في العصر البابلي القديم ملتزمون باداء العديد من الخدمات الالزامية للدولة, منها حفر القنوات وكريها وانشاء السدود, فضلا عن دفع مختلف الضرائب العينية والنقدية, اذ كان للدولة موظفون مختصون بتجنيد السكان لأعمال الخدمات المختلفة, فكان من واجبات الحكام الرئيسين, تجنيد السكان في الخدمات (الاعمال) الالزامية تحت اشراف موظفين مختصين, اما قبل العصر البابلي القديم فيبدو ان (الكاهن) القائم على ادارة المعبد كان هو الذي يقوم بمهمة تعيين الواجبات التي تدخل في اطار الخدمة(4).

هذا وقد ورد اصطلاح (الخدمة) في اللغة الاكدية بـ (الِكُ) ilku(5) او (آلكُ) alku, وهي كلمة اكدية اشتقت من المصدر الاكُم alākum بمعنى (ذهاب) (6).

بدأ استعمال مصطلح (ilku – خدمة) منذ العصر البابلي القديم (2004-1595 ق.م) للاشارة الى الخدمات التي كانت تقدم للمملكة والقصر اذ يقوم بها افراد حسب حرفهم مقابل اراضي ملكية اقتطعت لهم يحق لهم استغلالها والانتفاع بها طالما كانوا قادرين على اداء تلكالخدمات(7).

ويبدو ان تلك الخدمات كانت ذات طابع عسكري(8) كما يفهم ذلك من بعض المواد(9) في قانون حمورابي(10), والتي تناولت معالجة الاراضي الممنوحة او المقطوعة الى افراد من القوات المسلحة وصفوا بانهم الريدوم(11) (redum) الجندي والبائيرم (bāirum)الصياد او السماك(12).

او قد تكون ذات طبيعة مدنية كما يفهم ذلك في المادة (40) (13) من قانون حمورابي(14),واستمر استعمال هذه الكلمة (إلكُ – ilku) في العراق القديم خلال عصوره التاريخية اللاحقة, ففي بلاد اشور(15) في العصر الاشوري الوسيط (1500-911 ق.م) استعملت هذهالكلمة للاشارة الى خدمات مختلفة تقدمها للمملكة مجموعة من الافراد الذين يعيشون ضمن منطقة معينة او محددة على اساس ان امتلاكهم لتلك الاراضي كان مقابل هذه الخدمات يؤدونها بشكل فردي او جماعي ضمن نطاق مناطقهم او قراهم(16).

ويبدو من خلال نصوص هذا العصر ان هذه الخدمات كانت ايضاً على صنفين احداها مدنية واخرى عسكرية(17).

وفي العصر الاشوري الحديث (911-612 ق.م) وردت الاشارة الى مصطلح (إلكُ – خدمة) في عقود الاملاك العقارية وفي الرسائل والنصوص الادارية والكتابات الملكية وتبين من خلال تحليل هذه النصوص الى ان حقيقة الخدمة كانت ذات طبيعة مدنية(18) يمكن تقسيمها الى ثلاثة اصناف وهي كالاتي:

1. خدمات إلكُ شخصية (فردية) يقوم بتأديتها شخص ما بمفرده.

ويمكننا ان نستدل عليها من خلال عبارة (إلكُ ألاكُ ilku alaku) التي يمكن ترجمتها (بمنجز الخدمة او مؤدي الخدمة او الذهاب لأداء الخدمة) وقد وردت الاشارة اليها في عدد من عقود بيع الاملاك العقارية الحقول والبساتين, فنقرأ على سبيل المثال في عقد بيع حقل ما يأتي:

" سيشرب المشتري الماء من البئر مع (سكان) مدينته (ولكن) لن يذهب لاداء خدمة الـ (إلك) مع (سكان) مدينته"(19).

وجاء في عقد بيع اخر ما يلي:

الصفحات