أنت هنا

قراءة كتاب اليمن خصوصية الحكم والوحدة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
اليمن خصوصية الحكم والوحدة

اليمن خصوصية الحكم والوحدة

كتاب " اليمن خصوصية الحكم والوحدة " ، تأليف د. عبد الوهاب محمد الروحاني ، والذي صدر عن دار زهران عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 1

المقدمة

أصبح التقارب بين بلدان وشعوب العالم في ظل ثورة الاتصال والمعلومات الهائلة، التي نشهدها اليوم، يفرض قيما ثقافية واجتماعية جديدة في حياة المجتمعات. وهي تقود بالتدريج إلى توحيد المعايير الثقافية والاجتماعية، تماما كما أصبح عليه الحال بالنسبة لتوحيد الأنظمة المالية والاقتصادية، ولكن الطريق هنا- ربما - لاتزال طويلة.

فمفهوم تصدير"الديمقراطية" الذي تقوده اليوم الولايات المتحدة الأميركية باسم "محاربة الإرهاب" في كثير من مناطق العالم، وبالذات في المنطقة العربية والإسلامية، أو ما تسمى بـ"منطقة الشرق الأوسط الكبير"، هو تدخل خارجي يستهدف، فرض الديمقراطية الغربية في الحياة السياسية لهذه المجتمعات، دون مراعاة لخصوصياتها.

وهي بذلك، لا تقيم وزنا للتاريخ، ولا تراعي ظروف الواقع الاجتماعي والاقتصادي البائس الذي تعيشة هذه المجتمعات، وبالتالي فهي بصيغتها الحالية عديمة الجدوى، وتأتي بردود أفعال عكسية مأساوية، وهناك أمثلة حية في مناطق كثيرة من العالم، وبالذات في المنطقة العربية والإسلامية، ولعل التجارب في (العراق، و أفغانستان، وفلسطين، والصومال ) تقدم لنا يوميا إجابات شافية لمفهوم التعامل الأميركي مع قضايا الديمقراطية المعاصرة في مناطق مختلفة من العالم.

لكن، وحتى لا يجانبنا الصواب في فهم الديمقراطية الغربية، يمكننا القول أيضا بأهميتها، والتسليم بحاجة المجتمعات إليها، غير أنها في الواقع، لا تستطيع أن تعيش وتتطور إلا في مجتمعات تتوفر فيها ظروف وأوضاع اقتصادية واجتماعية وثقافية قادرة على استيعابها والتعامل معها، وهي الظروف التي نعتقد أنها، إذا ما توفرت في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، ستسمح حتما بنشأة وتطور هذا النوع من الديمقراطيات، والقبول بها، مع إمكانية الاحتفاظ بالخصوصية الثقافية والدينية بالذات، التي لا نراها في أي شكل من الأشكال، تتناقض مع مبادئ نشر قيم الحرية والعدالة والمساواة.

فالواقع في المجتمعات العربية والإسلامية - لو تمعنا - لا تكمن مشكلته الأساسية في نوعية الديمقراطية، التي يجب أن تسود، سواء كانت : « ديمقراطية غربية - ليبرالية»أو «ديمقراطية مركزية - اشتراكية »أم« شورى إسلامية »، وإنما مشكلته تكمن في صراعه مع الظلم الاجتماعي الذي وقع عليه، ولا يزال يعاني من جوره، فهو يبحث عن حياة كريمة، تؤمن وضعا معيشيا وصحيا وتعليميا ملائما، حتى يستطيع معها أبناء هذه المجتمعات ان يبدأوا بالتفكير فعلا، في معنى الحرية واهداف الممارسة الديمقراطية.

ومن هنا فتقارب الشعوب، وتنامي الحركة نحو الديمقراطية تضع أمام المؤسسات العامة والتمثيلية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في البلدان ذات الخصوصية الثقافية العربية والإسلامية بالذات، جملة من المهام الإنسانية اجتماعية واقتصادية، وثقافية في الدرجة الأولى، إذ لا يمكن ان تستقيم فكرة النضال من اجل التبادل السلمي للسلطة، ما لم تكن مقترنة جذريا بقضايا تحديث البناء الاجتماعي والتعليمي والثقافي، وتطوير الواقع الاقتصادي.

وبناء المؤسسات الديمقراطية في المجتمعات التي عاشت في ظل ظروف سياسية، وأنظمة ثيوقراطية متخلفة، مر بمراحل صعبة، ومنها المجتمع اليمني الذي كانت لديه – ولا تزال – صعوبات ومشاكل كثيرة، لكنه استطاع بعد قيام دولة الوحدة، وبعد رحلة شاقة وصراع مرير مع مخلفات الماضي، وتجارب المؤسسات التقليدية، وأنظمة الحكم التشطيرية، أن يصبح منذ مايو1990 م، مثالا ايجابيا في التحول نحو الديمقراطية التي لا تزال الطريق أمامها طويلة وشائكة.

وتكتسب دراستنا حول "خصوصية الحكم والوحدة والديمقراطية" في اليمن أهميتها من حيث كونها تناقش تطور القيم السياسية والاجتماعية اعتمادا على ثلاثة عوامل هي:

الأول: عامل الربط بين مسار البناء التقليدي، والمعاصر لمؤسسات السلطة.

الثاني: الضرورة المعاصرة للتفاعل مع قيم العدالة والديمقراطية والمساواة التي أصبحت تمثل حاجة ملحة للدولة والمجتمع على حد سواء.

الثالث: دراسة أبرز الظواهر الاقتصـــــــــادية والاجتماعية والدينية في المجتمع، وتاثيرها على مؤسسات السلطة، والحركة نحو الديمقراطية المعاصرة.

قسمت الدراسة إلى ستة فصول، تناول الفصلان الأول والثاني المؤسسات التقليدية في شطري البلاد في ظل نظامي الإمامة والاستعمار، بهدف استخلاص التجربة من أداء النظامين ومؤسساتهما، وتأثيرهما اللاحق في المؤسسات السياسية والتمثيلية، وذلك من خلال استقصاء المعلومة التاريخية حول تشكل مؤسسات السلطة التقليدية، والعوامل الاجتماعية والسياسية التي أثرت فيها، وعلاقة السلطة بالقبيلة، ونظام الرهائن، ومناقشة صور الظلم والاستبداد التي سادت في المجتمع، وجسدها قول أحد أبناء الإمام لأحد معارضي أبيه : "وما أنتم إلا عبيد لأبي".

أما الفصلان الثالث والرابع: فقد تناولنا فيهما بالدرس والتحليل طبيعة تشكل مؤسسات السلطة السياسية والتمثيلية في الشطرين اليمنيين بعد ثورتي سبتمبر واكتوبر 62/1963 م، وخصوصية الشكل الجمهوري (المحافظ) في الشمال وتجربة النظام الاشتراكي في الشطرالجنوبي.

وفي الفصل الخامس: وقفنا أمام الأهمية التاريخية للوحدة اليمنية، كأحد أهم عوامل الاستقرار في المجتمع اليمني القديم والمعاصر، ومن ثم الدور الذي لعبته الوحدة في عصر العولمة والديمقراطيات الناشئة، لصالح إحياء الممارسة الديمقراطية، في المجتمع اليمني، من خلال دراسة التناقضات السياسية والفكرية، والاقتصادية التي شهدها مسار الحركة إلى الوحدة والديمقراطية، ثم استنتاج الشروط والضرورات الموضوعية، التي أدت إلى قيام الدولة اليمنية الموحدة، والموقف الدولي والاقليمي منها.

أما الفصل السادس والاخير: تناولنا بالتحليل خصوصيات المسار الديمقراطي في المجتمع اليمني، الذي تضمن دراسة علاقة الديمقراطية بالوحدة، وتشكل الخارطة السياسية على أساس التعددية الحزبية، وحرية الرأي والتفكير، بما رافقه من إشكاليات، لها ارتباطات بظروف وخصوصيات المجتمع اليمني. كما ناقشنا تجارب الأحزاب في العمل السياسي والتنظيمي وارتباطاتها الفكرية، وتعاملها مع مفهوم النظام التعددي، ومن ثم استشراف مستقبل التعددية الحزبية في ظل التطور التدريجي للممارسة الديمقراطية.

الصفحات